مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: هيا بنا نجرب…. الكونفوشيوسية… آخر إبداعات الروبابيكية الفكرية!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: هيا بنا نجرب…. الكونفوشيوسية… آخر إبداعات الروبابيكية الفكرية!!

في جريدة الأخبار اللبنانية كتب الأستاذ سركيس أبو زيد الثلاثاء 28-4-2020 (لم ينتهِ التاريخ بعد. في زمن “كورونا” ظهرت الرأسمالية عاجزة وفاشلة. فما هو الحل؟ البعض طرح نظريات السوق الاجتماعي أو الليبرالية التكافلية، آخرون بديلهم الاقتصاد التضامني أو التشاركي أو التعاوني… وغيرهم اختار الكونفوشيوسية نموذجاً. في هذه المقالة، سنتوقف قليلاً عند تجربة صينية حضارية متجدّدة وفريدة).

طبعا الرجل لم يجزم أن (الكونفوشيوسية) هي الحل على طريقة الإخوان بل اكتفى باقتراحها علينا وربما كان دافعه لهذا الاقتراح (المدهش) هو الصمت المطبق الذي خيم على ساحة الفكر وقد سكتت الأصوات أو أسكتت فلا تسمع حتى همسا!!.

أعتقد أن البعض ينتظر إشارة البدء للترويج للكونفوشيوسية العربية مثل تلك الضجة الاحتفالية التي أقيمت لفيلسوف الأوراسية وسيرا على ذات الدرب الذي سار عليه الآباء المؤسسون لفلسفة التلفيق العربية والتي قدمت لنا من قبل الاشتراكية العربية والليبرالية العربية والقومية العربية التي رفعت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة! وأخيرا استقر المزاد على الكونفوشيوسية (العربية) بإذن الله!!.

من بين مزايا الكونفوشيوسية التي دفعت (الفيلسوف) اللبناني لاقتراح هذه الوصفة أنها مذهب يقوم (على بناء نظام اجتماعي أخلاقي اقتصادي عادل، على أساس العلم والإيمان والأخلاق الحميدة، بعيداً عن الفِتن والأحقاد والحروب، يرتكز إلى المحبة والآداب واحترام الإنسان والمجتمع والحياة. وتعتبر وظيفة الحكومة هي خدمة الشعب، وواجب الشعب احترام القانون والنظام والطاعة، لكنّه يرفض بشدة الطغيان والاستبداد. تؤكّد الكونفوشيوسية على الشعور بالمسؤولية والعمل الجماعي، وتشجّع التنشئة التربوية الجيّدة للأطفال من حبّ الوالدين وحب الطبيعة والسماء والوطن وإصلاح الفرد والمجتمع).

جقا إنه شيء عظيم ورائع ربما لم يسمع المسلمون بمثله من قبل ولذا وجب التنويه!!.

معضلة العقل العربي كانت وما تزال أنه يبدأ من حيث انتهى الآخرون، لا من حيث انتهت تجربته هو، رغم أننا أمة تمتلك تجارب ممتدة عمرها أربعة عشر قرنا من الزمان كان فيها القليل من النجاح والكثير من الفشل ولذا نعتقد أن على المفكرين أن ينجزوا مهمتهم ضمن هذا الواقع أولا بدلا من اقتراح ذلك النوع من الحلول التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

لو تأملنا في التجربة اليهودية المعاصرة نجد أن القوم قد أعادوا تركيب دولتهم من العدم تلك الدولة التي ضاعت في الشتات وأعادوا معها كل ما أمكنهم من قيم وتقاليد حقيقية كانت أم زائفة أما نحن فإن مصيبتنا كبيرة ومتعددة الأوجه ونبحث عن مخرج في شتات الأرض لا نجده فتارة نتوجه نحو (الاشتراكية العربية) وتارة نحو ما يسمى بالليبرالية دون أن نكلف نفسنا بتأصيل تلك الاقتباسات التي تبقى دائما مجرد شعارات لا مضمون لها!!.

عندما اقترح المفكر الكبير علي شريعتي على أمتنا العودة إلى الذات أوضح :أن العودة إلى الذات التاريخية التي ندعو إليها تعني العودة إلى الذات الموجودة بالفعل في قلب المجتمع وفي وجدانه بحيث تصبح هذه العودة منبعا للطاقة تفتت على يد مفكر وتستخرج وتحيا وتتحرك هي تلك الذات الحية وليست تلك الذات العتيقة القائمة على عظام نخرة.

هي تلك الذات القائمة على أساس الإحساس العميق بالقيم الروحية والإنسانية عندنا والموجودة في نظرتنا للأمور لكن الذي صرفنا عنها هو الجهل والإنقطاع عن النفس وجعلها الجذب إلى ذوات أخرى مجهولة لكنها على كل حال ذات حياة وحركة وليست كلاسيكية ميتة تتبع علم الآثار.

هذه الذات تنبع من صميم الناس فهل هي ذات دينية؟ هل هي ذات إسلامية؟ أي إسلام؟! هل هو ما هو موجود الآن ويتكرر بصورة تكرارية عفوية؟

إن العودة إليه تعد من قبيل تحصيل الحاصل.

الآن يعيش قومنا على أساسه ويؤمنون به ولكن لا فائدة منه فهو عامل من عوامل الركود وعامل من عوامل عبادة التقليد وعبادة الجهل وعبادة الأشخاص وتكرار ما هو مكرر.

إن ما هو موجود الآن باسم الدين يرد البشر ليس عن مسئولياتهم الفعلية فحسب بل ويمنعهم من الإحساس بأنهم مخلوقات حية.

إن منطلقنا هو الذات الإسلامية نفسها وينبغي أن نجعل شعارنا هو العودة إلى هذه الذات نفسها لأنها الذات الوحيدة القريبة منا من بين كل الذوات وهي الروح والإيمان والحياة الوحيدة في المجتمع ذلك المجتمع الذي ينبغي للمفكر أن يعمل من خلاله ويعيش وينبض.

ينبغي أن يطرح الإسلام بعيدا عن صورته المكررة وتقاليده اللاواعية العفوية التي هي أكبر عوامل الانحطاط.

ينبغي أن يطرح الإسلام في صورة إسلام باعث للوعي تقدمي ومعترض وكأيديولوجية قائمة بالتنوير. انتهى النقل.

لا أدري من الذي أقنع الأستاذ أننا أمة ميتة غير قادرة على إنتاج الفكر أو إعادة النظر في تجاربنا الفاشلة أو الناجحة واستخلاص العبر منها وتصحيح ما يتعين تصحيحه وليس البحث عن تجربة من الشرق بعد أن دخلت الحضارة الغربية مرحلة الكساد العظيم!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏30‏/04‏/2020

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى