مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: سقوط ترامب أم سقوط الديموقراطية الأمريكية!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: سقوط ترامب أم سقوط الديموقراطية الأمريكية!!

رغم قناعتي أن الإمبراطورية الأمريكية التي حكمت العالم ولا تزال منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، تتجه تدريجيا نحو الضمور والاضمحلال ورغم ما ألحقه المعتوه ترامب من ضرر بالإمبراطورية وبديموقراطيتها يوم أمس السادس من يناير 2021 إلا أن هذه الأحداث أثبتت أن الخيار الديموقراطي هو أقل الخيارات سوءا.

ليس هناك نظام سياسي في هذا العالم يتسم بالكمال أو حتى يقترب منه باستثناء دولة العدل الإلهي التي تنتظرها البشرية بأسرها.

الديموقراطية الأمريكية بنت مجدها على نهب ثروات الشعوب وقهر إرادتها ولذا فحديثنا هنا عن الديموقراطية ينصب على النظام السياسي وإدارة الصراع الداخلي حيث كشفت هذه الأحداث أن الديموقراطية ليست مجرد صندوق يلقي فيه المرء بصوته ثم ينصرف بل هي أحزاب ومؤسسات قضائية مستقلة وصحافة وثقافة وفكر وأشياء لا تشترى كما أنها لا تنشأ من العدم بمجرد تحديد موعد لانتخابات رئاسية أو برلمانية أو الإعلان عن نتائجها.

الديموقراطية ليست مجرد مغالبة انتخابية يحق لمن فاز بأغلبية الأصوات أن يغير وجهة ومسار المجتمع إلى حيث يرغب ويريد فما بالك ببعض الثوار الذين ساقوا مجتمعهم ودولتهم عندما أخذوا السلطة غلابا إلى حيث أرادوا هم ولم يشعروا بأي حاجة لإرضاء أو استرضاء أحد وإنما كسرا كسرا وهدما هدما!!.

رأينا كيف أدان نتنياهو الصديق الصدوق والحليف الوثيق لترامب اقتحام الكونجرس بينما أدار الإعلام العربي المشهد على طريقة (اللي يحب النبي يقول هييههه) حيث اعتبر هؤلاء وما زالوا يعتبرون أن الديموقراطية ترفا زائدا ومن ثم فلا حاجة على الإطلاق لتلك الترهات!!.

حروب الدعاية والدعاية المضادة!!

من بين ما كشفته تلك الأحداث، أن الإفراط في الدعاية والدعاية المضادة خاصة تلك الدعاية التحريضية لا بد أن تنتهي بكارثة لكلا الفريقين أو أحدهما.

ولا شك أن اللدد في الخصومة والذهاب إلى الحد الأقصى في تشويه الخصم وإغداق الاتهامات عليه بلا رقيب ولا حسيب يمكن أن يؤدي لنتائج عكسية تماما حيث لا يحتاج الوصول إلى الدمار سوى قشة واحدة تقصم ظهر البعير وهو ما حدث بالفعل للمعتوه ترامب الذي تسبب في كارثة لنفسه ولأنصاره عندما حرضهم على اجتياح الكونجرس الأمريكي.

الأمر ذاته ينطبق على جماعة (اللي يحب النبي يقول هييهه) هواة تبادل القذائف النارية الحارقة والتي يمكن أن تتسبب في إحراقهم لدى ارتكاب أي خطأ في الحساب وما أكثر هذه الارتكابات.

من ناحية الشكل تبدو الديموقراطية وكأنها تحقق العدالة ضمن المجتمع الواحد إلا أن الاضطرابات الاجتماعية التي هزت أمريكا خلال الأشهر الماضية تشير إلى أن هناك الكثير من المظالم المتراكمة كما أن الإجرام الذي مارسته أمريكا ضد شعوب العالم وسياسة الحصار والتجويع التي مارسها ترامب ومن سبقه من الرؤساء من أجل إجبار الشعوب على الرضوخ للإرادة الأمريكية لم تكن لتبقى دون عقاب إلهي.

الديموقراطية يمكن أن تكون وسيلة (مثلى) لإدارة الصراع الداخلي إلا أنها عجزت عن تقديم أي نوع من العدالة بين الشعوب والأمم وهذا ليس شأنا داخليا على الإطلاق بل هي مسألة كونية وإرادة إلهية من حاربها فقد حارب الله عز وجل وكما قال الإمام علي بن أبي طالب ع: (أَنْصِفِ اللَّهَ وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَمِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوًى مِنْ رَعِيَّتِكَ فَإِنَّكَ إِلَّا تَفْعَلْ تَظْلِمْ وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَمَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَكَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ وَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَتَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ الْمُضْطَهَدِينَ وَهُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ).

ما لم ولن يفهمه جماعة (اللي يحب النبي يقول هييه) أن شماتتهم في الديموقراطية الأمريكية لا تثبت شيئا على الإطلاق مما يودون إثباته، هذا لو كان هناك شيء يريدون إثباته عدا امتلاكهم القدرة الفائقة على إحداث أكبر قدر ممكن من الضجيج والتشويش … وبوركت حناجرهم!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏07‏/01‏/2021

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى