دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: أردوجان والإخوان والعثمانية بنت عم العلمانية وخالة الوهابية: ردا على الدكتور محمد علي مخلص!!!
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: أردوجان والإخوان والعثمانية بنت عم العلمانية وخالة الوهابية: ردا على الدكتور محمد علي مخلص!!!
يبدو واضحا ومن خلال رد الدكتور محمد علي مخلص على مقال أو تقرير مؤتمر الصحوة الإسلامية الذي عقد في طهران سبتمبر 2011 أنه كان في انتظار أي هفوة يرتكبها العبد لله ليتهمني بالانتقائية وربما بازدواجية المعايير!!.
حسنا فلنرد على ما أثاره الدكتور مخلص، رغم أن الأمر يتعلق بتقرير أكثر من كونه مقالا أتحدث فيه عن وجهة نظري الخاصة.
قلنا أن السيد أردوجان جاء إلى ((المنطقة التي يراد علمنتها أو لبرلتها عبر مبعوثي الإدارة الأمريكية من أمثال السيد رجب طيب أردوجان الساعي بتفويض من هذه الإدارة لإقناع المصريين باتباع النموذج الأتاتوركي والتخلي عن (أوهامهم الإسلامية)).
ومن الواضح أن عبارة (أوهامهم الإسلامية) جاءت بين قوسين وهذه هي رؤية أردوجان مبعوث العناية الأمريكية الذي استقبله ألتراس الإخوان بالطبل والزمر مبايعين له خليفة للمسلمين فإذا به يفجعهم في آمالهم ويلقي عليهم دلوا من الماء البارد مطالبا إياهم بتطبيق العلمانية وفقا للنموذج التركي حيث يمنع ارتداء الحجاب وتكون العطلة يوم الأحد وتكتب اللغة التركية بالحروف اللاتينية.
كان أن استفاق الإخوان من سكرتهم ورفضوا الصفقة المعروضة عليهم.
ليس سرا أن الإدارة الأمريكية وعبر حلفائها في المنطقة تحاول أن تفرض خياراتها على القوى السياسية في مصر ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين وليس سرا أن هذه الإدارة ومنذ ما قبل ثورة 25 يناير تحاول أن تعمم النموذج التركي ولا شك أنها نجحت في جر الإخوان جزئيا نحو هذا الخيار ولا شك ايضا أن الواجب يحتم علينا أن نحذر الجميع ومن بينهم الجماعة الوحيدة من الوقوع في هذا الفخ وابتلاع الطعم لأن المسألة لا تتعلق بالفصل بين الدين والسياسة كما يتصور البعض بل هي أخطر من هذا بكثير كونها تتعلق بقبول الاعتراف والتحالف مع الكيان الصهيوني اقتداء بالنموذج التركي الذي يشتبك الآن مع الصهاينة لفظيا ويتعاون معهم عمليا وعلى رؤوس الأشهاد في تنفيذ مخططاتهم ومن بينها نصب الدرع الصاروخية الموجهة ضد المقاومة وضد إيران على الأراضي التركية.
يتساءل الدكتور مخلص: (كيف يكون الدكتور النفيس ضد الخلافة العثمانية وضد العلمانية في آن؟) وهو سؤال يتعين توجيهه للذين هللوا للطلة الأردوجانية العلمانية العثمانية رغم أنهم هم الذين أعتبروا أن ظهورهم جاء ردا على سقوط الخلافة العثمانية وأنهم يرون أن الواجب يحتم عليهم رفع راية إعادة الخلافة ولو كانت تحت زعامة هذا الأردوجان!!.
السؤال يتعين توجيهه للسيد أردوجان الذي يفاخر، رغم علمانيته المزعومة، بعثمانيته بل ويسعى للترويج للعثمانية الجديدة، تلك العثمانية التي تشكل حجر الزاوية في مشروع الهيمنة التركي الجديد الذي انساق وراءه بعض السذج ممن صدقوا أن العثمانيين الجدد يفصلون حقا بين الدين والسياسة وأن النهج العثماني الاستئصالي قد تغير وأننا أمام سلالة تركية مولودة من جديد ومتحررة من أوزار الماضي وآصاره وهو ما يحرص السيد أردوجان (السلجوقي حفيد سلاطين بني عثمان) حسب قوله على تأكيده ولكن (العلمانيين) لا يأخذون من الأخبار إلا ما تهضمه معدتهم الرقيقة ويتركون كل ما عدا ذلك!!.
نحن لم نرفض الدولة العثمانية لأنها كانت دينية بل لأنها كانت عنصرية جاهلة ومتخلفة معادية لشتى صنوف التدين الله إلا ما وافق أهواء شيوخ السلطنة، ولا نرفض الآن الأخ أردوجان لمجرد ادعائه (العلمانية) بل لأنه جاء يضحك على ذقون العباد ويبيع لهم الوهم.
النقطة الأخرى التي أثارها الدكتور مخلص في معرض إشادته بالعلمانية الأردوجانية هي أن (أردوجان هو من رفض دخول القوات الأمريكية لغزو العراق من الأراضي التركية لأن البرلمان العلماني الليبرالي رفض ذلك وعلى أردوجان اسلاميا كان أو علمانيا احترام إرادة الشعب ممثلا في نوابه وفي السياق ذاته وفي اطار المصالح لا الايديولوجيات فان روسيا التي كانت تقف ضد الغزو غير الشرعي وغير المبرر للعراق هي التي تقف حائلا اليوم ضد قرار من مجلس الأمن ضد النظام الدموي القمعي السوري وما يرتكبه من مجازر بحق أطفال ونساء وشيوخ شعبه).
الواقع يقول أن هذه النقطة بالذات تبرز كيف استطاع هذا البهلوان أن يقنع البعض بالشيء ونقيضه.
فالسيد أردوجان هو وصديقه جاك شيراك عارضا الغزو الأمريكي للعراق لأنهما كانا يعرفان أن نتائج هذه المغامرة ستصب في النهاية لصالح قوى معينة ولا تنس أن كلمة (الهلال الشيعي) هي من اختراع الأخ جاك شيراك الأكثر دهاء والأكثر خبرة بشئون المنطقة من الغر المعتوه جورج بوش والعهدة على الويكيليكس!!.
لو كان الأخ العلماني أردوجان حقا من أنصار حرية الشعوب ورافضي مشاريع الغزو الأمريكي فلماذا أعد قواته للتدخل في سوريا وسعى بكل جهده لإنشاء (منطقة محررة) في جسر الشغور تكون جسرا للغزو الأمريكي الإسرائيلي لسوريا أسوة ببنغازي؟!.
وإذا كان الأخ أردوجان البهلوان من رافضي مشاريع الغزو والهيمنة الأطلسية فلماذا لم يخرج من هذا الحلف المعادي للمسلمين ولماذا قدمت حكومته 6 سفن حربية في اطار العمليات الهادفة الى فرض حظر جوي فوق الاراضي الليبية ولماذا شبه داود أوغلو دخول ثوار الناتو طرابلس بفتح مكة؟!.
الذي لم يعرفه الدكتور مخلص في غمرة انفعاله بما تبثه أجهزة الإعلام الحربي المجندة لإسقاط النظام السوري أن من منع الأخ الديموقراطي العلماني نصير الشعوب أردوجان من استكمال مخططه الشرير هو الإنذار الإيراني بقصف القواعد الأمريكية في تركيا بالصواريخ حال تدخله عسكريا في الأراضي السورية.
ولعل في هذه المعلومات ما يفسر للدكتور مخلص سبب عدم إفراطنا في الكتابة في الشأن السوري ويمكن أن يعود لأرشيف جريدة القاهرة ليعرف أننا كتبنا بالفعل في هذا الشأن.
وهم العلمانية
هل حقا يوجد في هذا الكوكب الأرضي شيء يسمى علمانية؟!.
الجواب هو لا!!، ولو كان حقا هناك ذلك الشيء لسمح للتركي الولهان أردوجان أن يصبح عضوا في الاتحاد الأوربي الذي رفض دخوله لأن تركيا دولة إسلامية.
ليس هناك على ظهر هذا الكوكب فصل كلي بين الدين والدولة ودعك من الاتكال على المنى لأنها بضاعة النوكى!!.
في مصر إخوة لنا يخافون من هيمنة تيارات جاهلة على الدولة باسم الدين ونحن نتفق معهم في هذا التخوف اتفاقا كاملا.
ألم يلحظ الدكتور مخلص كيف تبارى بعض العلمانيين والليبراليين المقعدين في الترحيب بتلك الوثيقة الدينية هاربين بذلك من تسلط ديني إلى سلطة دينية والسبب في ذلك هو رغبتهم في نيل البركة (أي بركة!) والجلوس الآمن على الكرسي وفات هؤلاء أنه لم يعد هناك أي شيء آمن بعد أن اضاع المخلوع فرصة الخروج الآمن!!.
دعك أيضا من أننا لا نرفض إلا الدولة الدينية الوهابية فنحن لا نرفض أي دولة بل نرفض ضلالات الدول وعدوانها ولا نرى أنفسنا في موقع يتيح لنا رفض هذه الدولة وقبول أخرى.
نحن لا نرفض أي دولة باستثناء الكيان الصهيوني الغاصب الذي قام على أشلاء شعب جرى تشريده وبعثرته.
نحن لا نرفض الدولة العلمانية التركية الأردوجانية ولا ندعو حتى لقطيعة معها بل نرفض استدراجنا للوقوع في فخاخ ومصائد تأخذنا نحو المزيد من التردي.
(لم يُوجِسْ مُوسَى خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ، أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الجُهَّالِ وَدُوَلِ الضَّلالِ) علي بن أبي طالب.
دكتور أحمد راسم النفيس
28/10/2011