العثمانيون في ليبيا….. وترامب مع من غلب!!
العثمانيون في ليبيا….. وترامب مع من غلب!!
من خلال متابعة سياق ما يجري في ليبيا يبدو أن الأمريكي الذي أعلن عن دعمه لحفتر قبل أقل من عام في اتصال هاتفي بين ترامب والجنرال قرر البقاء على التل في انتظار حسم الصراع الدائر على طريقة (أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك)!!.
حينما يعلن أردوجان عقب نهاية زيارته لتونس أن (ليبيا أمانة عثمانية) فهذا يعني أن الأمريكي لا ينزعج كثيرا من هذه المزاعم كونه يدرك جيدا الحدود الواقعية للطموحات العثمانية الراهنة وأنها مجرد مزاعم حنجورية ضمن الإمبراطورية الأمريكية الأكبر!!.
من الواضح أيضا أن الإمبراطورية الأكبر لم تعد مهتمة بتفاصيل الصراع بين الأخوة الأعداء وأن على كل واحد منهم أن يتدبر أمره ويحمل حمله على ظهره فليس للسيد الأمريكي حليف مفضل عدا إسرائيل و(كل واحد يشيل شيلته!!).
العثماني الذي يوشك أن يخرج من إدلب مذؤوما مدحورا يحاول أن يلملم ما يمكن من مكاسب قبل أعوام قليلة من انتهاء مفعول معاهدة لوزان بعد مائة عام منذ 1923مـ التي صفت ممتلكات الإمبراطورية العثمانية ولذا نراه يستميت لخلط الأوراق وفتح باب التفاوض من جديد لاستعادة أكبر قدر ممكن من خسائره في العراق وسوريا وربما في ليبيا التي وصفها بالأمانة العثمانية!!.
ضمن هذه المحاولة يبحث العثماني أيضا عمن يتفاوض معه ولذا فهو معني باختلاق نزاعات مع اليونان ومصر ولو أدى ذلك لحروب محدودة توصل لاتفاقات جديدة وتنازلات من الأطراف وهو ما يبدو واضحا من خلال الجهد التركي للدخول كطرف من الأطراف التي تسعى لإيجاد حل سياسي للصراع الداخلي والإقليمي والدولي حول ليبيا.
لسنا معنيين بمحاصرة العثماني ولا حرمانه من حقوقه المشروعة التي خسرها بسبب هزيمته إلا أن من واجبنا أن نقلق بسبب سلوكه المتهور وعشقه للمغامرات التي كلفتنا الكثير والكثير طيلة القرون التي هيمن فيها على عالمنا الإسلامي وتصرفاته الطائشة بل وبيعه مصر للإنجليز نهاية القرن التاسع عشر.
ببساطة نقول أن تركيا الراهنة هي إحدى دول الإقليم التي يحق لها ما يحق لغيرها لا أكثر ولا أقل، ومثلما نطالبها بالتصرف ضمن الأطر المتعارف عليها فمن الطبيعي أن ندعو للتعامل معها ضمن نفس الأطر، كما قال الإمام علي عليه السلام (إِلَيْهِ يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا وَلَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ).
إلا أن هذا ومن خلال استعراض سلوك السلاجقة الجدد لا يمنعنا أن نقلق من الصداع الذي سيسببه السلجوقي الذي يبذل أقصى ما لديه من جهد ليضع قدميه في إحدى دول الجوار ليتخذها ورقة ضغط أو منطلقا لمغامرة جديدة من مغامراته الفاشلة التي أصبحت جزءا لا يتجزء من خبزه اليومي.
أما إعلامنا الذي رقص على السلم (إعلام ييجي لك ويحط لك وروح ربنا ياخذك) فقد فشل فشلا ذريعا في إيضاح صورة ما جرى ويجري وربما كانت أهم النتائج العكسية التي حققها وما أكثرها، هي تقديم أردوجان في صورة (حامي حمى الإسلام)!!.
دكتور أحمد راسم النفيس
28/12/2019