
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: العراق ومعارك نهاية التاريخ!!
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: العراق ومعارك نهاية التاريخ!!
باغتيال القائدين الكبيرين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس انتفض العراقيون مطالبين بطرد الاحتلال الأمريكي من العراق.
ولأن الأمريكي يعتقد أن مخزونه من القوة الباطشة يضمن له تحقيق كل غاياته الاستراتيجية فقد ألحق تلك الحماقة بسابقاتها التي أعادت رسم المعادلات الدولية بخلاف ما خطط وأراد.
أخطر هذه الحماقات وليس آخرها هو دعم الدواعش في اجتياح العراق وهو ما أقر به ترامب علنا محملا أوباما وكلينتون مسئولية ذلك.
نقول (دعم) وليس (اختراع) داعش ابنة القاعدة شقيقة جماعة الإخوان حفيدة الوهابية أسوأ ما أنتجه الإسلام السلطوي الذي أسسه ابن آكلة الأكباد، ذلك الذي هيمن على العالم الإسلامي طيلة القرون الماضية.
أُسست كل هذه الأفكار والتنظيمات وجودها على قاعدة (إبادة الطائفة الممتنعة “الرافضة” لبيعة السلطة المفروضة على رقاب العباد) فهؤلاء من هؤلاء والقوم أبناء القوم وهذه إحدى ركائز الدولة العميقة العربية القديمة والمعاصرة التي استحضرت كل هذه الأدوات ومن ضمنها تلك الجماعات التي يفترض البعض أنها مدانة من قبلهم بينما يقول الواقع غير ذلك وأنها لا تتعرض للقمع إلا حينما تخرج عن حدود التحرك المسموح به!!.
التحرك الداعشي نحو بغداد لم يكن بمعزل عن الدولة العربية العميقة ولا ضدها ولا ضد الكيان الصهيوني والوهابي والأمريكي ومن باب أولى من أصدروا بيانات التأييد لداعش ورأوا في هذا الكيان الإجرامي تعبيرا عن رفض (سنة العراق للتهميش)!!.
شكل الاجتياح الداعشي للعراق ضربة استباقية أدت إلى ظهور الحشد الشعبي العراقي وتشريعه وهو قوة لم تنشأ من العدم حيث كان هنالك فصائل مجاهدة ضد الاحتلال الأمريكي، كبدت الأمريكي خسائر فادحة لا تقل عن خمسة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح إلا أنها لم تكن تعلن عن وجودها بصورة واضحة فكان الاجتياح ثم فتوى الجهاد الكفائي.
احتفظت الولايات المتحدة وحلفاؤها خاصة حليفها السلجوقي أردوجان بما تبقى من تلك الوجودات المعادية للشيعة أولا كغطاء لتواجدها في سوريا والعراق وثانيا لمواصلة مهمة الإنهاك والإشغال حيث نراها الآن وهي تهاجم الجيش السوري في أدلب بعد تزويدها بأحدث الأسلحة الواردة من مخازن حلف شمال الأطلسي.
لم تعلن المقاومة العراقية حتى الآن عن بدء عملياتها لإخراج الاحتلال إلا أن العمل السياسي والتشريعي لإخراج هؤلاء الطغاة قد بدأ بالفعل، بينما أعلن المحتل الأمريكي عن نيته البقاء مدعوما بنفس المجموعات التي قدمت الدعم السياسي والإعلامي في السابق للاجتياح الداعشي ووفرت لهم البيئة الحاضنة والهدف الواضح –بالنسبة لهم- هو استعادة حق إبادة الطائفة الممتنعة الركن الركين للدولة العربية العميقة التي يراد لها أن تبقى خالدة!!.
الآن تتهيأ الأرضية لاستئناف المواجهة بين المقاومة بشتى أطيافها والهيمنة الأمريكية في إطار ما نسميه نحن معارك نهاية التاريخ!!.
لماذا نهاية التاريخ؟!
يمكنك أن تصدق –إن شئت- أن الدولة العربية العميقة ترغب في القضاء على الإرهاب بشتى صنوفه وألوانه قضاء مبرما!! أما أنا فلم أعد!!.
يمكنك أيضا أن تذهب أبعد من هذا لتصدق أن الولايات المتحدة وريثة الاستكبار الانجليزي تسعى لإيجاد مجتمع خال من الإرهاب والقتلة!!.
أما إذا فقدت عقلك تماما فيمكنك أن تصدق أن (أمير المؤمنين) أردوجان يحارب الإرهاب وهو الذي يحميهم الآن في إدلب وقبل ذلك في حلب ويرسلهم إلى ليبيا (لتكون كلمة الله هي العليا)!!.
ورغم أن الكذب بلا رجلين فقد استطاعت هذه الكذبة أن تصمد عشرات السنين حتى أن السعودية الوهابية أسست مركزا (لمكافحة الإرهاب)!!.
الشاهد أن (الأرض زلزلت زلزالها وأخرجت أثقالها) على الناحيتين:
الاستكبار العالمي أخرج أولا كل ما لديه من أدوات للقوة بدءا من جيوشه المدججة بشتى صنوف الأسلحة والإرهاب وأفاعي داعش والإخوان وصولا إلى الجوكر العراقي وهاهي تحترق الواحدة تلو الأخرى.
أما جبهة المستضعفين فلم تكن هي المبادرة بل كانت في موقف ردة الفعل وربما تأخرت أطول مما ينبغي في الوصول إلى ساحة الصراع، لكنها الآن أصبحت في الميدان!!.
أيام قليلة ويلقي ترامب آخر ما لديه من أوراق السحر التي يسميها صفقة القرن صائحا (بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) وهاهي المنازلة تقترب من نهايتها.
ليس لهذه المنازلة إلا مآل واحد أن تعلو راية المستضعفين في الأرض.
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ).
دكتور أحمد راسم النفيس
25/01/2020