
دكتور أحمد راسم النفيس: انتصارات أنصار الله خيانة أم قدر إلهي أم رمية من غير رام؟!
دكتور أحمد راسم النفيس: انتصارات أنصار الله خيانة أم قدر إلهي أم رمية من غير رام؟!
(وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
المتابع لتعليقات خصوم أنصار الله بعد سلسلة الهزائم الأخيرة التي منوا بها سيلحظ كيف ابتذل الحديث عن الخيانة والمؤامرة لتبرير كيف تمكن أنصار الله من الصمود خمسة أعوام في مواجهة تحالف دولي على رأسه أمريكا وإسرائيل وأكثر من عشر دول من ضمنها دويلات الخليج الأكثر ثراء في العالم ، ورغم كل ذلك فشل كل هؤلاء في تحقيق الانتصار.
هناك ثلاث احتمالات:
الأول أن هذه الانتصارات قدر إلهي لا يرد ولا يمكن الوقوف في مواجهته كما تقول الآية القرآنية التي افتتحنا بها المقال.
الثاني: أن انتصار الأنصار رمية من غير رام على طريقة (الحظ لما يؤاتي يجعل الأعمى ساعاتي) وهو أكثر انطباقا على كثير ممن حكم اليمن وغير اليمن وربما أمريكا نفسها التي يحكمها هذا الأرعن المدعو ترامب!!.
أن يكون انتصار الأنصار رمية من غير رام استنادا لنظرة الازدراء التي ينظر بها الأعداء إليهم أمر يتماشى مع تجارب التاريخ القديم أو المعاصر ولا ندري هل كان عفاش الذي ترأس اليمن ثلاثين عاما من أصحاب الدماء الزرقاء أو العيون الخضراء فضلا عن الأعراب الذين حكموا وما زالوا يحكمون دويلات الخليج!!.
أخيرا يأتي الحديث عن الخيانة المزعومة التي أفضت إلى هزيمة أولياء الله العفاشيين وحلفائهم الإخوانيين ولا ندري من خان من؟!.
هل خان العفاشيون الإخوانج أو العكس أم أن الخونة طرف ثالث يرفض العالمون ببواطن الأمور تسميته وهو منطق لا يمكنه تبرير كل هذه الهزائم ناهيك أن هذه الفرضية تشير إلى تفكك وانهيار هذا المعسكر وغياب الهدف المشروع والدافع الأخلاقي لشن هذه الحرب.
لو قبلنا بهذا الكلام لأصبح كل اليمنيين –والعياذ بالله- من الخونة سواء من أنصار الله أو من أعدائهم وليس ثمة مجال للحديث عن رؤية أو موقف سياسي اتخذه هذا الطرف أو ذاك!!.
العنجهية والاستعلاء الذي تتميز به (الفئات) الحاكمة في عالمنا العربي رغم أن أغلبهم بل أصل ولا فصل ولا نسب تدفعهم للإدلاء بتبريرات من هذا النوع وكأن تملكهم للسلطة تملك أزلي ووعد إلهي غير قابل للنقض مع أن أغلبهم لا يختلفون عن عيينة بن حصن الفزاري.
يروي ابن سعد في كتاب (الطبقات) عن سعيد بن المسيب: كان عيينة بن حصن أحد رءوس غطفان مع الأحزاب الذين ساروا إلى رسول الله يوم الخندق فلما حصر رسول الله وأصحابه وخلص إليهم الكرب أرسل رسول الله إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف أرأيت إن جعلت لكم ثلث تمر المدينة، أترجعان بمن معكما وتخذلان بين الأعراب؟ فرضيا بذلك وحضروا وحضر رسول الله وأحضروا الدواة والصحيفة فهو يريد أن يكتب الصلح بينهم فجاء أسيد بن حضير وعيينة مادا رجليه بين يدي رسول الله وعلم ما يريدون، فقال يا عين الهِجرِس، اقبض رجليك أتمدهما بين يدي رسول الله، والله لولا رسول الله لأنفذت حضنيك بالرمح، ثم أقبل على رسول الله فقال إن كان أمرا من السماء فامض له وإن كان غير ذلك فوالله ما نعطيهم إلا السيف! متى طمعتم بهذا منا والله إن كانوا ليأكلون العلهز من الجهد (شيء يتخذونه في سني المجاعة يخلطون الدم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه)، فما يطمعون بهذا منا أن يأخذوا ثورة إلا بشراء أو قرى، فحين أتانا الله بك وأكرمنا بك نعطي الدنية، لا نعطيهم أبدا إلا السيف.
يعتقد آكلوا (العلهز) جامعوا النفايات (العفافشة) أنهم أصبحوا ملوكا أبديين للعرب و(أَنَّ الدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَيهم تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا وَلَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَم وَلَا سَيْفُهَم وَكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً ثُمَّ يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً).
تغيرت المعادلات و(طَلَعَ طَالِعٌ وَلَمَعَ لَامِعٌ وَلَاحَ لَائِحٌ وَاعْتَدَلَ مَائِلٌ وَاسْتَبْدَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ قَوْماً وَبِيَوْمٍ يَوْماً وَانْتَظَرْنَا الْغِيَرَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ).
إلى مزبلة التاريخ أيها النفايات!!.
دكتور أحمد راسم النفيس
06/03/2020