دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: أزمة كورونا وسقوط الغرب واستخلاص العبر!! هل يعود العالم الإسلامي إلى حلبة السباق؟!
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: أزمة كورونا وسقوط الغرب واستخلاص العبر!! هل يعود العالم الإسلامي إلى حلبة السباق؟!
(مِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ) الإمام علي بن أبي طالب.
الحكمة التي سادت العالم الثالث في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية تقول أن أمريكا هي الملجأ والملاذ من فتن الدنيا وأن على الحكومات أن تنصاع للأوامر الأمريكية حرصا على مصالح شعوبها.
إنها أبدا ليست بحكمة ولن تكون بل هي عين الحمق!!.
ازدادت الأمور سوءا ولم يعد الأمر مجرد حكم للضرورة القاهرة حيث بلغت حد الاقتناع بالتفوق الأخلاقي الأمريكي وحمق التمرد عليه وبلغت حد إلقاء اللوم على كل من تمرد على قواعد السلوك السياسي الذي تفرضه هذه الدولة المجرمة بل وإبداء الاستعداد للمشاركة في القضاء عليه حتى نتفرغ لما هو أهم!!!.
وهم آخر لا يقل سوءا عما سبق هو التعامل مع الغرب – أمريكا وأوروبا- باعتبارهم شيئا واحدا يتشاركان نفس القيم والمثل، وأنهم يتعاملون فيما بينهم بندية وتكافؤ.
لا شك أن رؤية الغرب بهذه الصورة لم تكن بسبب قرار سياسي اتخذته هذه الدولة أو تلك بسبب ميول حكامها وأهوائهم بل هو ثمرة ضخ فكري وإعلامي استمر لأكثر من قرنين من الزمان وربما منذ حملة نابليون على مصر.
يكفي أن تسمع هذا السؤال الأبله المتكرر (لماذا تقدم الغرب وتخلفنا نحن) رغم وجود العديد من الأدلة على الانهيار الأخلاقي للغرب والذي بلغ أقصى مداه ممثلا فيما يسمى بالحضارة الأمريكية المتوحشة التي تجاوزت جرائمها ما ارتكبته أوروبا في حق شعوب العالم ولكنها فعلت ذلك بخبث ودهاء مستخدمة أساليب تمزج بين الحرب الدعائية الناعمة والحروب المتوحشة التي لم تتورع فيها عن ارتكاب أبشع الجرائم في فييتنام وكوريا والعراق والآن ضد إيران.
تخلفنا نحن هذا صحيح تماما أما أن الغرب قد تقدم ومن ثم أصبح نموذجا يحتذى وعلينا اللحاق به فلا وألف لا!!.
نسينا أو لم نعرف من الأساس أن هذا الغرب الذي حارب بعضه بعضا في حربين عالميتين راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر وارتكبت فيها كل صنوف الإبادة الجماعية، ما زال يختزن كما هائلا من الضغائن المتبادلة فما بالك برؤيته لباقي شعوب الدنيا ومن ضمنهم قطعا المسلمين.
رأينا كيف تمنعت أمريكا عن مد يد العون لشركائها الأوروبيين وكيف شمتت في الصين وإيران وكيف حاولت احتكار إنتاج اللقاح الواقي من الفيروس لصالحها عبر شرائه من الشركة الألمانية التي تعمل على إنتاجه فضلا عن عدم اكتراثها بالأزمة الاقتصادية التي تضرب منتجي النفط بالتحالف مع طفلها المدلل مبس.
المسلمون والعودة إلى الذات
لا نطالب بحملة إيمانية على الطريقة الصدامية بل ننبه إلى أن العالم الإسلامي أو ذلك الفضاء الواسع الذي يحتوي مليار ونصف مسلم يشترك معهم فيه ملايين المسيحيين الشرقيين ممن ساهموا عبر قرون مضت في صوغ مشروع حضاري كان دائما يجري إجهاضه وتدميره على يد السفهاء منهم ووصل بهم الحال الآن ليصبحوا مجرد خزان للإرهابيين المستعدين للموت من أجل الإمبرطورية الأمريكية بينما هم يرفعون راية لا إله إلا الله!!.
هذا العالم يمتلك إمكانات بشرية هائلة وعقول مبدعة وثروات لا حصر لها ورغم ذلك لا يملك قراره الذي يعود في النهاية للشيطان الأكبر.
يوشك مركز القرار أن يفلت من يد الأمريكي تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الغرب كله وبسبب العداوات التي افتعلها ترامب مع حلفائه المفترضين ومن المحتم أن يبحث المسلمون عن مكان لهم في الكون.
حتى أولئك الحلفاء المطيعين سيفتقدون الحماية والدعم التي كانت توفرها لهم أمريكا.
أصبح من المحتم إعادة النظر في سياسة الاتكال على الأمريكي الذي خذل الجميع رغم كل التبريرات التي سيقت من أجل تبرير هذا الاتكال.
البناء على ما هو متوفر وقائم وترك الرهان على الأماني والأوهام هو ما نسميه بالعودة إلى الذات الحضارية والأخلاقية والعقائدية.
العودة إلى خيار توحيد الأمة والتعاون فيما بينهم (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
تعاونوا فيما بينكم يرحمنا ويرحمكم الله وليس مع الأمريكي المنهار.
دكتور أحمد راسم النفيس
20/03/2020