دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: آل سعود والولاية المغتصبة على المسجد الحرام
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: آل سعود والولاية المغتصبة على المسجد الحرام
(وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ). الأنفال 34-35.
إذا كان المتغلبون بالمكر والدهاء والقتل والإجرام قد تمكنوا من فرض ولايتهم ووصايتهم على الأمة الإسلامية ووجدوا من يشرعن لهم الغصب والإجرام فكيف غاب عن المسلمين أن الولاية على المسجد الحرام هي للمتقين وحدهم وهم قطعا ليسوا بني أمية أو بني العباس فكيف تكون لصهاينة آل سعود؟!.
لماذا بادر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للاشتباك مع طواغيت قريش في معركة بدر؟!.
لماذا لم يتريث صلى الله عليه وآله ريثما تستقر أوضاع المسلمين في المدينة المنورة وسارع للاشتباك مع قريش بدءا من غزوة بدر حيث كلل جهاده في سبيل الله بنصر مبين بعد ثمانية أعوام يوم فتح مكة واستعادتها لولاية النبي الأكرم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار من بعده؟!.
جماعة المؤرخين والمحللين للسيرة النبوية يقولون أن رسول الله صلعم قاتل المشركين يوم بدر ليسترد (ممتلكاته الضائعة) فهم بذلك وإن زعموا أنهم مسلمون أتقياء لا يختلفون عن جماعة التفسير المادي للتاريخ في كثير أو قليل ويتجاهلون القضية الأصل هي مكانة المسجد الحرام في بناء الإسلام وحتمية استرداده يومها ووضعه بيد (المتقين) وهم محمد وآل محمد ولا أحد غيرهم!!.
دخل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة في العام الثامن للهجرة محررا ومطهرا للمسجد الحرام من أغلال الشرك والكفر والضلال ومحطما للأوثان مستعيدا رمز التوحيد الأساس وكعبته من أيدي الغاصبين والمزيفين المضللين.
ما كان لرسالته صلى الله عليه وآله ومهمته التبليغية أن تتم لو أنه فارق هذه الدنيا تاركا هذه القضية معلقة دون حسم.
كان هذا هو أحد أهم أسباب الاشتباك بين الكيان الإسلامي الصاعد بقيادة رسول الله صلى الله عليه وآله والكيان القرشي المتآكل وهو اشتباك طال لمدة ثمانية أعوام منذ هجرته إلى المدينة وحتى استرداد مكة أي عودتها ليد أوليائها الحقيقيين.
هذا ما قاله عز وجل في الآيات التي افتتحنا بها المقال.
قاتل المسلمون وضحوا من أجل مقدساتهم والتي جرى اختزالها الآن في القرآن الكريم وما يسمى بالسنة النبوية التي يقصد بها البخاري ومسلم وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله ضحى يوم بدر بأهل بيته من أجل الأعجمي محمد بن إسماعيل البخاري أو من أجل إقامة ملك آل سعود وآل الشيخ!!.
المقدس في الإسلام ليس نصا وحسب بل مكان وزمان وفضلا عن ذلك إنسان وكله الله تبارك وتعالى دون غيره بحفظ هذا المقدس (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ).
هذا هو التفسير الصحيح للاشتباك بين معسكر الإسلام الصاعد والملأ القرشي الذي استولى بعد ذلك على الشرعية الإسلامية وما زال يجهد إلى أن قام بتفريغها من مضمونها وتحويل الأماكن المقدسة لغطاء يستمد منه شرعية لا يستحقها ويسمى طاغوته (خادم الحرمين الشريفين).
لو لو يقم رسول الله الله صلى الله عليه وآله بفتح مكة لما أصبح للإسلام وجود ولا كيان ولأصبح المسلمون منذ البدء (مسلمو الشتات) لا فارق بينهم وبين يهود الشتات.
الله تبارك وتعالى كتب على بني إسرائيل التيه عندما أحجموا عن دخول الأرض المقدسة التي كتب الله لهم (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)[1].
دخل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الأرض المقدسة ومعه قلة قليلة مؤمنة صابرة مخبتة طائعة لله ورسوله، ولم يكن هذا الجمع العرمرم الذي أحاط به والذي قدر بعشرة آلاف مقاتل سوى إكمالا للمشهد وليس صناعة له وحسبنا ما جرى لهؤلاء يوم حنين إذ أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا.
لا يمكننا وصف الحالة التي يعيشها المسلمون الآن في التيه وقد فقدوا الولاية على أعز وأغلى ما يملكون وآلت (الولاية على مجمل الإسلام) لفرع من فروع اليهود وأصبح محتما وواجبا ملزما على حملة راية التوحيد تحرير مقدساتهم مكة والمدينة قبل القدس.
دكتور أحمد راسم النفيس
23/07/2020
[1]المائدة 21-26.