مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: الشيخ التسخيري إطفائي العالم الإسلامي

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: الشيخ التسخيري إطفائي العالم الإسلامي

 

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) البقرة 64.

لسنا ممن يشك في وجود اختراق يهودي للأمة الإسلامية وهو ما حذر منه رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن).

الشاهد أن تلك العدوانية التي تميز بها اليهود تجاه أنبيائهم وتجاه بعضهم بعضا قد انتقلت واستقرت ومنذ زمن بعيد في نفوس بعض المنتمين لأمة لا إلا الله، أمة محمد صلى الله عليه وآله والذي وصفه ربه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).

إنه مرض العدوانية تجاه الذات وتجاه المخالفين في الرأي والرغبة الجامحة في سحقهم ووطأ هاماتهم ليس ردا على أي عدوان وإنما انطلاقا من وهم التميز ومرض الاستعلاء رغم قوله تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص (83).

ورغم أن إسلامنا دين رحمة وشفقة بثها ونشرها رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله ورغم أن إسلامنا يرفض العدوان على العباد ويحذر من كافة الانتهاكات الموجهة ضد الإنسان إلا أن المتهودين من أمتنا لا يبالون بمن قتلوا وأزهقوا من أرواح وكم انتهكوا من حرمات بعد أن أصبح البطش بالمخالفين دينا وقانونا يتقرب به هؤلاء الأدعياء بزعمهم إلى الله عز وجل.

منذ اللحظة الأولى التي تأسس فيها الملك العضوض والقانون السائد في العلاقة بين المسلمين هو قانون القمع والقهر عبر استخدام الحديد والنار.

استفاد الطغاة في حروبهم التي شنوها على أمة لا إله إلا الله من إشعال العصبيات الجاهلية وبث الحقد والكراهية بين أبناء الأمة إلا أن اعتمادهم الأكبر كان على المتزقة الذين لا يبالون بما ارتكبوا ولا يهمهم إلا ما يحصلون عليه من دراهم ودنانير يملئون بها بطونهم من لعق السحت والحرام ورغم ذلك ظل الجمهور الأكبر من المسلمين رافضا لتلك الأساليب الحقيرة متمسكا بالأخوة والتراحم والتعاضد بين إخوة الدين.

علينا جميعا أن نبذل أقصى ما في وسعنا لاستعادة الإسلام من أيدي خاطفيه الذين يريدون استبدال علاقة التراحم والتواصل بين أبناء الأمة الواحدة بعلاقة التكفير المتبادل والذبح على الهوية.

علينا جميعا أن نسعى ونعمل بكل ما لدينا من جهد لتفعيل الآية الكريمة (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح (29)، في دنيا الواقع.

ليس صحيحا أن أحدا من عقلاء الأمة يرفض مسعى التقريب والتواصل بين أبناء المذاهب الإسلامية، وليس صحيحا أن من بين الواعين بواقع الأمة من هو غير تقريبي.

الصحيح أن هناك تنوع أدوار وتنوع أداء والدور الذي اضطلع به الشيخ التسخيري ورفاقه المخلصون لم يكن يوما ما موضع رفض وتشكيك ممن اتهم بغير دراية ولا بينة بأنهم (غير تقريبيين) بل الحقيقة أن ما قام به شيخنا التسخيري دور جبار لا يسهل القيام به على غير أولي العزم من الربانيين والصالحين.

لم تكن دعوة التقريب بين المذاهب الإسلامية من اختراع الثورة الإسلامية التي يلقي الحمقى في وجوهها بكل ما أمكنهم من الأحجار والأشواك بل هي دعوة بدأت عندما كانت إيران تحت حكم محمد رضا بهلوي واستمرت أثناء عهد عبد الناصر فقد بدأ عمل دار التقريب سنة 1368 هـ، 1948مـ، واستمرّ حتّى سنة 1392 هـ، 1972مـ، أي بعد عامين من حكم السادات حيث كانت تصدر أربعة أعداد سنوياً من مجلتها رسالة الإسلام، بيد أنّها عاشت بين مدّ وجزر في الصدور حتّى بلغ مجموع ما صدر منها ستين عدداً .

كما أن دعوة التقريب لم يكن لها هوى سياسي بعينه إذ أنها جمعت بين الإيراني والعراقي والمصري والشامي وهي فضلا عن ذلك لم تكن قاصرة على علماء الدين حيث ضمت عددا من كبار الكتاب والمفكرين.

كانت دار التقريب مقرّاً لنشاطات (جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية) بالقاهرة، وضمَّت الجماعة علماء كبار ينتمون لمختلف المذاهب الإسلامية.

ومن بين الكتّاب الذين رفدوا المجلة: علماء الشيعة ومراجعهم الكبار في النجف وقم، شيوخ الأزهر في مصر، وأساتذة الجامعات الإسلامية، وكتاب آخرون معروفون.

فمن الشيعة: علماء أعلام منهم: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والسيد هبة الدين الشهرستاني، والسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي، والشيخ محمد صالح المازندراني، والشيخ محمد جواد مغنية، والشيخ عبد الحسين الرشتي، والشيخ محمد تقي القمّي (الأمين العام لدار التقريب آنذاك) ، والسيد صدر الدين الصدر ، والسيد محمد تقي الخونساري، والمرجع الكبير السيد حسين البروجردي .

ومن السنة: شيخا الأزهر الكبيران: الشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ محمد محمد المدني (رئيس تحرير المجلة)، والأستاذ الشيخ عبد العزيز عيسى (مدير إدارة المجلة ). ومن الكتّاب يومذاك السادة: أحمد أمين، وعباس محمود العقاد، ومحمد فريد وجدي، وأمثالهم.

الملاحظ أن توقف المجلة عن الصدور وربما توقف دار التقريب عن إداء دورها الحيوي جاء في توقيت متزامن مع صعود المد الوهابي في مصر الكنانة وهو مد بلغ أوجه مع كارثة 1967 وما حمله هذا المد من ضغوط سياسية على السياسة المصرية.
لم تكن المصاهرة الملكية الشاهنشاهية هي العامل وراء إنشاء دار التقريب ولا كان الانفصال بين الزوجين عاملا لإيقافها كما أن الصراع العنيف والمحتدم بين عبد الناصر والنظام البهلوي عاملا في إيقافها والمعنى أن المتهم الأول وراء إيقاف مسار التقارب والتفاهم بين المسلمين هو النفوذ الوهابي المتصاعد.

من المفيد أيضا أن نلفت الانتباه أن الدعوة للتفاهم والتقارب بين أبناء المذاهب الإسلامية المختلفة والسعي لتوسيع رقعة العلم والتعارف الفقهي والفكري بين العلماء لم تكن وليدة دار التقريب بل هي أسبق من ذلك حيث ذكر الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (الميراث عند الجعفرية) كيف اقترح على الدكتور عبد الرزاق السنهوري دراسة مقارنة للأحوال الشخصية والمواريث وفقا للمذاهب الأربعة والمذهب الإمامي والمذهب الزيدي ويذكر أيضا أن أول من فتح عيون المذهب الشيعي في الدراسة الفقهية هو (المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم رضي الله عنه) الذي كان يعرض في دراساته الفقهية لبعض آراء الشيعة الإمامية والزيدية وهي الدراسة الفقهية المقارنة غير المقيدة بمذهب واحد وعلى ضوء هذه الدراسة اقتبس قانون الوصية رقم 71 سنة 1946 وهو الذي يجيز الوصية لوارث وعلى ضوء هذه الدراسة أيضا نهجنا فيما كتبناه في أبواب الفقه ذلك المنهج المستقيم وهو الاقتباس من هذه المذاهب والإشارة إلى ما نراه قوي السند واضح المعتمد من آراء الشيعة كأقوالهم في أيمان الطلاق والطلاق بثلاث بلفظ الثلاث وعدم وقوع الطلاق البدعي واشتراط الإشهاد لإيقاع الطلاق ونحو ذلك من الآراء التي نرى في الأخذ بها إصلاحا ونجد في دليلها قوة ونحن نفعل هذا بحق العلم علينا فإن الدارس للتاريخ الإسلامي عليه أن يقصد إليه في كل نواحيه وفي شتى مذاهبه فتراث رسول الله لكل العلماء والباحثين.

كان من المأمول أن ينمو تيار التقريب والتفاهم وأن ينتج حالة من التفاهم بين قادة الدين في ربوع العالم الإسلامي إلا أن الهزيمة القاسية التي منيت بها مصر في حرب 1967 ورضوخها للضغوط السعودية أجبرتها على فتح الأبواب من دون قيد ولا شرط أمام الضخ الوهابي الإعلامي المصحوب بالمدد المالي الذي يأتي إلينا ويذهب البعض إليه أوجد تلك الحالة الشاذة التي تعيشها الآن مصر وأغلب بقاع العالم الإسلامي.

قبل أيام قال أحد الحمقى أن الشيخ محمود شلتوت عليه رحمة الله قد أصدر فتواه الشهيرة بجواز التعبد على المذهب الجعفري لأنه خدع من علماء الإمامية، متجاهلا أن التقريب كان خطا ونهجا تبناه كبار العلماء ولم يكن الشيخ شلتوت خارجا عن هذا المسار.

ثم جاء الشيخ القرضاوي عام 2009 متجاهلا تاريخ التقريب منكرا لفتوى الشيخ شلتوت ومتنكرا لتاريخ أسلافه رغم أنه لا يكف عن الادعاء بأنه المدافع الأول عن السلف.

قبل ثلاثة أعوام أراد الشيخ القرضاوي أن يضيف لانجازاته المفخخة إنجازا آخر تمثل في إنكاره صدور فتوى الشيخ الراحل محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر والتي تبيح التعبد على مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام حيث قال بلهجة المتحدي ردا على سؤال لأحد الصحفيين حول “إذا ما كان فضيلة الشيخ محمود شلتوت – رحمه الله – قد أصدر فتواه بجواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة والمعروفة والمتبعة، ومنها مذهب الشيعة الإمامية الجعفري” فبادره الشيخ بالإجابة “أنا أقول لك: هات لي الفتوى دي في أي كتاب من كتبه.. أنا لم أر هذه الفتوى.. أي واحد منكم فليقول إني شفتها في كتاب كذا أو مجلة كذا”.

وأضاف: “أنا عايشت الشيخ شلتوت عدة سنوات، وكنت من أقرب الناس إليه، ما رأيته قال هذا.. أين كتبها؟ وفي أي كتاب من كتبه؟ أنا أخرجت كتب الشيخ شلتوت الأربعة الأساسية، فجمعت هذه الأشياء أنا وزميلي الأخ أحمد العسال”.

في مذكرات الشيخ القرضاوي يكشف الرجل عن طبيعة علاقته بالشيخ محمود شلتوت هو وصديقه العسال الذي استعان به في نفي الفتوى حيث يقول: (انتقلنا إلى الأزهر لنعمل في مراقبة البحوث والثقافة التابعة للإدارة العامة للثقافة الإسلامية تحت إشراف مديرها العام الأستاذ الدكتور محمد البهي)[1].

(فكر الدكتور البهي فيما يسند إلي أنا وزميلي العسال من عمل, ثم قال: لدينا عمل كبير وهو أن ننشر تراث الشيخ شلتوت على الناس في كتب كبيرة, لا بد أن نجمع هذا التراث من مظانه المختلفة في الصحف والمجلات وفيما لدى الشيخ من مقالات أو مسودات وأنتما أهل لتجميع ذلك وتنسيقه وتصحيحه)[2].

(كان الشيخ شلتوت رغم شهرته وذيوع صيته لا يكاد يوجد له كتب يقرأها الناس غير كتاب شارك فيه العلامة محمد علي السايس وهو كتاب “المقارنة بين المذاهب الفقهية” المقرر على السنة الرابعة من كلية الشريعة جامعة الأزهر..)[3].

وما عدا ذلك فله فتاوى وبحوث في جوانب شتى نشرها في بعض المجلات أو بعض الصحف اليومية أو بثتها الإذاعة المصرية من ذلك ما كان في مجلة (الرسالة) التي كان يصدرها الأستاذ الزيات وما كان في مجلة (الأزهر) وما كان في مجلة (رسالة الإسلام) التي تصدر عن (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) بالقاهرة[4].

هنا بيت القصيد!!.

فالشيخ الراحل محمود شلتوت لم يجمع نتاجه العلمي بنفسه وإنما أوكل هذه المهمة للدكتور محمد البهي عليه رحمة الله الذي كلف الأخوين العسال والقرضاوي بالمهمة ولكنهما ولحاجة في نفسيهما تجاهلا وضع هذه الفتوى المنشورة في مجلة (رسالة الإسلام) العدد 43 ص 227-229 ضمن فتاوى الشيخ المنشورة!!.

منهج الشيخ في جمع تراث شلتوت

يقول الشيخ القرضاوي في مذكراته المتضخمة (4 أجزاء) والمملوءة بكل ما لذ وطاب من إشادة الشيخ بنفسه وإشادة الدنيا بأسرها به: (كنا نراجع الشيخ شلتوت في بعض الفقرات التي تكون لنا عليها ملاحظة فيقرنا عليها وأحيانا يوكلني بإتمام ما أراه ناقصا وكان الأخ العسال كلما مر على هذه الفقرة ونحوها يقول: هذه قرضاوية, فأقول قد أصبحت بإقرار الشيخ شلتوتية, والحقيقة أن ثقة الشيخ بي (القرضاوي فقط وليس العسال) كانت غير محدودة فكثيرا ما أحال إلي بعض الأشياء المعضلة لألخصها له مثل رأي ابن القيم في فناء النار..).

إنه إذا صاحب اختراع (تحويل الشلتوتيات إلى قرضاويات) بشحطة قلم ولا بأس من نفي الشلتوتيات لتكون القرضاويات هي العليا وهي فصل الخطاب وربما كان الشيخ يعتقد أن رخصة (الترميم) التي منحت له من قبل الشيخ شلتوت لإجراء ما يلزم من تعديلات هي رخصة (إزالة) تجعل من تراث الشيخ شلتوت إرثا خالصا له وتعطيه الحق في إلغاء ما لا يروق له منه بغير حسيب ولا رقيب!!.

الفتاوى التي يصدرها العلماء الكبار من أمثال الشيخ شلتوت نوعان:

فتاوى منشئة تجيب على سؤال لم يطرح من قبل مثل الاستنساخ أو التلقيح الصناعي أو فتاوى كاشفة تؤكد على موقف يحتاج إلى تأكيد ومن ضمنها فتوى الشيخ بجواز التعبد على المذهب الجعفري.

إنها الفتوى الموجهة لجمهور المتعصبين الجهلة حسبما ذكر الشيخ الدكتور عبد الودود شلبي في كتابه (كلنا أخوة شيعة وسنة).

يقول الدكتور شلبي: سألت الشيخ شلتوت يوما: هل قرأت يا مولانا ما كتبه صاحب كتاب (الخطوط العريضة) عن الشيعة؟؟

ابتسم الشيخ و لم يتكلم!!

وحين أعدت عليه السؤال أخرج من مكتبه ورقة ثم قال ستجد في هذه الورقة إجابتي على هذا السؤال!!.

كانت هذه الورقة صورة من الفتوى التي أصدرها بجواز التعبد على مذهب الشيعة الإمامية ونص الفتوى كما جاء في أقوال الإمام الأكبر:

فتوى شيخ الأزهر محمود شلتوت:

  • أن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول أن لكل مسلم الحق في أن يقلد- بادئ ذي بدء- أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره أي مذهب كان ولا حرج عليه في شيء من ذلك.
  • أن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة).

فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذهب معين فما كان دين الله وما كانت شريعته لمذهب أو مقصورة على مذهب فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى ويجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقرونهم في فقههم ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات[5].

ولأن الشمس معروفة بالعين والأثر نقرأ في مجلة رسالة الإسلام الصادرة عن دار التقريب في العدد (44) مقالا للشيخ محمد الغزالي عن الفتوى المشار إليها حيث يقول وكأنه يوجه خطابه للشيخ القرضاوي: جاءنى رجل من العوام مغضبا، يتسائل: كيف أصدر شيخ الأزهر فتواه بأن الشيعة مذهب إسلامى كسائر المذاهب المعروفة؟ فقلت للرجل: ماذا تعرف عن الشيعة؟ فسكت قليلا ثم أجاب: ناس على غير ديننا!، فقلت له: لكنى رأيتهم يصلون ويصومون كما نصلى ونصوم!! فعجب الرجل، وقال: كيف هذا؟: قلت له والأغرب أنهم يقرءون القرآن مثلنا، ويعظمون الرسول، ويحجون إلى البيت الحرام..!!

قال: لقد بلغنى أن لهم قرآنا آخر، وأنهم يذهبون إلى الكعبة كي يحقروها فنظرت للرجل راثيا. وقلت له: أنت معذور؟ إن بعضنا يشيع عن البعض الآخر ما يحاول به هدمه وجرح كرامته, كأننا أمم متعادية لا أمة واحدة. فعلينا نحن ـ حملة الإسلام ـ أن نصحح الأوضاع وأن نزيل الأوهام. وأعتقد أن فتوى الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شوط واسع فى هذه السبيل. وهى استئناف لجهد المخلصين من أهل السلطة وأهل العلم جميعا، وتكذيب لما يتوقعه المستشرقون من أن الأحقاد سوف تأكل هذه الأمة قبل أن تلتقى صفوفها تحت راية واحدة وهذه الفتوى فى نظرى بداية الطريق، وأول العمل.

 

صراع وتسابق بين فريقين…..

فريق يريد أن يهدم ما بناه أسلافه الصالحون من دعائم للوحدة والتماسك وتراص الصفوف مدفوعا بشهوات النفس وعلى رأسها حب الشهرة والرغبة العارمة في إرضاء سادة الدنيا من الصهاينة والأمريكان الذين يريدون الهيمنة على العالم والاستحواذ على ثروات الأمة وإبقائها تحت هيمنة حفنة من الوكلاء الصغار الذين لا يبالي بعضهم بمنح نفسه صفة وكيل الله في أرضه وخليفته على عباده من دون برهان ولا دليل.

وفريق آخر نذر نفسه للحفاظ على وحدة الأمة وإطفاء الحرائق التي يشعلها أعداء الأمة والتي يرعاها ويعمل على تأجيج أوارها المستزلمون الذين يصبون الزيت على النار ويتبرعون بوضع العراقيل ونشر الأحجار في طريق إطفائيي العالم الإسلامي الذين يقومون بمهمتهم الإلهية سيرا على خطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) 128-129

من بين هؤلاء شيخنا الجليل آية الله محمد علي التسخيري شفاه الله وعافاه من كل سوء.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏14‏/09‏/2012

 

[1] مذكرات الشيخ القرضاوي ج2 ص 281.

[2] ص 281 نفس المصدر.

[3] ص282 نفس المصدر.

[4] ص 282 نفس المصدر.

[5] كلنا أخوة شيعة وسنة الدار المصرية اللبنانية ص 60-61 الطبعة الأولى مايو 1998.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى