مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: ما كل هذا العنف؟؟ الحجاج الثقفي: محمدان في يوم واحد!!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: ما كل هذا العنف؟؟ محمدان في يوم واحد!!!

 

يتساءل العرب في براءة يحسدهم الأطفال عليها عن السر الكامن وراء تغلغل ثقافة العنف و الإرهاب إلى حياتهم السياسية والثقافية ثم يؤكدون في حماسة على أن الإسلام دين التسامح و السلام و أن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه و ما خلا من شيء إلا شانه ثم يستدلون على صحة موقفهم هذا بعشرات الآيات التي تحض على الدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة و التي تنهى عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و بعد أن يأخذ سماحة الشيخ أو فضيلة الدكتور المتحدث بألباب السامعين و يأسر قلوبهم يقوم بإلقاء المسئولية على الغرب الصليبي و الصهيونية لمحاولتها تشويه صورة الإسلام و المسلمين وصورة (سيدنا) معاوية و (سيدنا) الحجاج بن يوسف الثقفي و غيرهم من الشموس الزاهرة في سماء الأمة الإسلامية بل و يعتبرون كل هذا جزءا من مؤامرة أمريكية لتشويه صورة الإسلام لا تقل في خبثها و دناءتها عن مؤامرة ضرب أبراج نيويورك ثم إلصاق التهمة بالأخ أسامة و نائبه أيمن!!.

المهم فقد أمضيت ليلتي مستمتعا بالقراءة في ذلك السفر الفريد المسمى ب(العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي) و المكون من سبعة أجزاء والذي قامت بطباعته الهيئة العامة لقصور الثقافة و قامت بطرحه للجمهور بسعر زهيد هو 55 جنيها.

إلا أن متعة القراءة قد أزالتها مرارة قراءة تلك السيرة العفنة لتلك الشخصية البشعة التي يزعمون أن أمريكا تحاول تشوبه صورتها المشرقة!!!.

روى ابن عبد ربه أن عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج في أسرى معركة الجماجم أن يعرضهم على السيف فمن أقر منهم بالكفر بخروجه علينا فخل سبيله ومن زعم أنه مؤمن فاضرب عنقه ففعل فلما عرضهم أتي بشيخ وشاب فقال للشاب أمؤمن أنت أم كافر قال بل كافر فقال الحجاج ولكن الشيخ لا يرضى بالكفر فقال له الشيخ أعن نفسي تخادعني يا حجاج والله لو كان شيء أعظم من الكفر لرضيت به فضحك الحجاج وخلى سبيلهما ثم قدم إليه رجل فقال له على دين من أنت قال على دين إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين فقال اضربوا عنقه ثم قدم آخر فقال له على دين من أنت قال على دين أبيك الشيخ يوسف فقال أما والله لقد كان صواما قواما خل عنه يا غلام فلما خلى سبيله انصرف إليه فقال له يا حجاج سألت صاحبي على دين من أنت فقال على دين إبراهيم حنيفا و ما كان من المشركين فأمرت به فقتل وسألتني على دين من أنت فقلت على دين أبيك الشيخ يوسف فقلت أما والله لقد كان صواما قواما فأمرت بتخلية سبيلي والله لو لم يكن لأبيك من السيئات إلا انه ولد مثلك لكفاه فأمر به فقتل ثم أتى بعمران بن عصام العنزي فقال عمران؟؟ قال نعم قال ألم أوفدك على أمير المؤمنين ولا يوفد مثلك قال بلى قال ألم أزوجك مارية بنت مسمع سيد قومها ولم تكن أهلا لها قال بلى قال فما حملك على الخروج علينا قال أخرجني بازان فأمر به فقتل ثم أتي بعامر الشعبي ومطرف بن عبد الله الشخير وسعيد بن جبير وكان الشعبي ومطرف يريان التورية وكان سعيد بن جبير لا يرى ذلك فلما قدم الشعبي قال أكافر أنت أم مؤمن قال أصلح الله الأمير نبا بنا المنزل وأجدب بنا الجناب واستحلسنا الخوف واكتحلنا السهر وخبطتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء قال الحجاج صدق والله ما بروا بخروجهم علينا ولا قووا خليا عنه ثم قدم إليه مطرف بن عبد الله فقال له أكافر أنت أم مؤمن قال أصلح الله الأمير إن من شق عصا الطاعة ونكث البيعة وفارق الجماعة وأخاف المسلمين لجدير بالكفر فقال صدق خليا عنه ثم أتي بسعيد بن جبير فقال له أنت سعيد بن جبير قال نعم قال لا بل شقي بن كسير قال أمي كانت أعلم باسمي منك قال شقيت وشقيت أمك قال الشقاء لأهل النار قال أكافر أنت أم مؤمن قال ما كفرت بالله منذ آمنت به قال اضربوا عنقه.

قال ولما بلغ عمر بن عبد العزيز موت الحجاج خر ساجدا وكان يدعو الله أن يكونه موته على فراشه ليكون عذابه أشد.

كما روى ابن عبد ربه أن عمر بن عبد العزيز قال لو جاءت كل أمة بمنافقيها و جئنا بالحجاج لفضلناهم.

ولا شك أن كلام عمر بن عبد العزيز قد أصبح كلاما قديما وينطبق على نابغة عصره الحجاج وحسب الذي بلغ عدد من قتلهم صبرا مائة و عشرين ألفا وذلك قبل أن تنجب الأمة المزيد من نفس السلالة مثل صدام حسين التكريتي وعلي الكيماوي وطه أبو الثلج!!!

قال وحلف رجل بطلاق امرأته أن الحجاج في النار فأتى امرأته فمنعته نفسها فسأل الحسن البصري فقال لا عليك يا ابن أخي فإنه لم يكن الحجاج في النار فما يضرك أن تكون مع امرأتك على زنى!!!!.

كما عرضت السجون بعد الحجاج فوجدوا فيها ثلاثة و ثلاثين ألفا لم يجب على واحد منهم قتل ولا صلب.

وأراد الحجاج أن يحج فاستخلف محمدا ولده على أهل العراق المبتلى به وبصدام فقال يا أهل العراق إني أردت الحج وقد استخلفت عليكم ولدي محمدا وأوصيته فيكم بخلاف وصية رسول الله في الأنصار فإنه أوصى فيهم أن يقبل من محسنهم وأن يتجاوز عن مسيئهم و إني أوصيته ألا يقبل من محسنكم وألا يتجاوز عن مسيئكم ألا وإنكم قائلون بعدي مقالة لا يمنعكم من إظهارها إلا خوفي لا أحسن الله له الصحابة وأنا أعجل لكم الجواب فلا أحسن الله لكم الخلافة ثم نزل فلما كانت غداة الجمعة مات ابنه محمد وجاءه نعي أخيه محمد في اليمن ففرح أهل العراق وقالوا انقطع ظهر الحجاج وهيض جناحه فخرج فصعد المنبر ثم خطب الناس فقال: محمدان في يوم واحد!!! أما والله ما كنت أحب أنهما معي في الحياة الدنيا لما أرجو لهما من ثواب الآخرة؟؟!! ثم دخل ودخل الناس يعزونه ومعهم الفرزدق فقال يا فرزدق أما رثيت محمدا ومحمدا (محمدان في ليلة واحدة إنها إذا مؤامرة إمبريالية!!!) قال نعم أيها الأمير و أنشده خمسة أبيات لا يزيدون فلما خرج من عنده قال و الله لو كلفني الحجاج بيتا سادسا لضرب عنقي قبل أن آتيه به ذلك أني دخلت و لم أهيئ شيئا!!.

و ما زال العرب يواصلون البحث و التنقيب و يفتشون عن مؤامرة صهيونية إمبريالية صليبية أمريكية هي التي أنجبت لنا ابن لادن و الزرقاوي كوننا لم نعرف العنف و سفك الدماء إلا بالأمس القريب فقد كانوا طيلة عمرهم خير أمة أخرجت للناس!!!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

29-5-2004.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى