مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: عندما لم تحدث الحرب مع إيران! مأساة حيمة وشركاه!!!

ماذا لو لم تقع الحرب الأمريكية على إيران؟؟

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: عندما لم تحدث الحرب مع إيران! مأساة حيمة وشركاه!!!

أكتب هذه السطور بينما يتقلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الجمر حيث يبدو واضحا أنه ومن يصطفون خلفه قد خسروا معركة البقاء.

قبل أكثر من 13 عاما كان بيني وبين (السناتور حيمة!!) نقاش اقترح فيه عليّ كتابة تحليل عما بعد الحرب الأمريكية على إيران –الواقعة حتما حسب وهمه- وكيف سيكون شكل المنطقة؟!.

سألته لماذا تبدو متأكدا من حدوث الحرب؟!.

أجاب معاليه بكلام عديم القيمة أبرز ما فيه أن جورج بوش الإبن الذي كان يقضي أيامه الأخيرة في الحكم هو من المحافظين الجدد واو واو!!.

قلت له لن تحدث مثل هذه الحرب وأنا مستعد لكتابة تحليل (ماذا لو لم تقع الأمريكية على إيران)؟!.

أصر (السناتور الهارب) على مطلبه وأبدى استعداده للدفع (كاش) وكان الرفض!!.

المهم أن (السناتور حيمة عبد الكاش) كان ضمن فريق يسعى لترسيخ فكرة مفادها أن (الوعد الأمريكي) آت لا ريب فيه وأن أمريكا في ظل المحافظين الجدد لا تخلف الميعاد وهو اعتقاد ربما ما زال راسخا في عقول كثير من العرب الذين يرغبون في بقاء كل شيء كما هو!!.

القضية ليست مجرد أننا نكره أمريكا أو نشمئز من سلوك السناتور (عبد الكاش) بل لأن هذه الاعتقادات الراسخة المتكلسة تصبح وبالاً على من يتشبث بها وتمنعه من توسيع خياراته وتضعه في ركن ضيق وتغلق في وجهه أي مخرج احتياطي يحفظ ماء وجهه قبل فوات الأوان.

الكارثة أن تحليلات (عبد الكاش) لم يُنظر إليها باعتبارها تضليل كارثي متعمد على طريقة: لو ذهبت إلى بلد يعبدون الثور حش وارمي له!!.

لا يعني هذا أننا نحرضه على ذبح الثور إذ يكفي أن ينأى المرء بنفسه عن هذه الهمروجة لا أن يشارك في حملة التضليل.

كانت هذه الحكاية عام 2007 حيث لم تجرؤ أمريكا من يومها على شن حرب واسعة ضد إيران كتلك التي تمناها حيمة وشركاه إذ أن الحرب قائمة بالفعل ولكن ليس أبدا على طريقة غزو العراق أو أفغانستان وغيرها من الخيارات التي توهم وقوعها أصحاب أجسام البغال وعقول العصافير.

خلال العامين الأخيرين توافرت المعطيات التي تؤكد استبعاد هذا الخيار الانتحاري من قبل ترامب وإدارته رغم قيامها بتصعيد الاشتباك مع إيران وصولا إلى جريمة قتل الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس  ثم الرد الإيراني بقصف قاعدة عين الأسد الأمريكية وسقوط عدد كبير من القتلى الأمريكيين إلا أن (الحرب الكبرى) التي تمناها حيمة ومن يعمل لحسابهم لم تحدث!!.

ورغم أن هناك من يقول ألا فارق بين بايدن وترامب إلا أن تغيير الرئاسات في الدنيا بأسرها ليس مجرد إجراء شكلي فليس هناك ما يبرر أن يحاول الرئيس القادم تجربة ما فشل في تحقيقه المهزوم ترامب!!.

ضاعت مصاري مبس ومبز وفشلت مشاريعهما وذهب عبد الكاش إلى حيث ألقت.

يبقى السؤال الأهم عن مصير المشاريع الكبرى والفتوحات العظمى التي استندت في كثير من مراحلها إلى دعم وتأييد ترامب!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏06‏/11‏/2020

 

المقال الأصلي

 

ماذا لو لم تقع الحرب الأمريكية على إيران؟؟

نقلا عن جريدة القاهرة بتاريخ ‏09‏/10‏/2007.

 

ليس هناك شخص عادي فضلا عن أن يكون محللا سياسيا يمكن له أن يرسم صورة للمستقبل بناء على فرضية واحدة يرى حتميتها ومن ثم يغفل الاحتمالات الأخرى!!.

المراقب لبعض وسائل الإعلام العربي يلحظ بوضوح مدى إلحاحها على الترويج لحتمية الضربة العسكرية لإيران التي ستنهي كذا وكذا وتؤسس لكذا وكذا وربما للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس!!.

أما إذا وليت وجهك نحو الغرب فلن ترى مثل هذا الإلحاح المرضي الذي يكشف عن حالة من التفكير الرغائبي التي تملكت بعض الناطقين بلسان الضاد والتي لا يبغون عنها حولا!!.

شتان بين القول بأن كل الاحتمالات واردة ومن بينها الحرب وهذا ما نعتقده والقول بأن هذه الحرب قد أصبحت حتمية.

الآن بدأنا نسمع بعض المسئولين الأمريكيين الذين يتحدثون عن سيناريو (ماذا لو لم تحدث الحرب) وعن جدوى هذه الحرب لو وقعت وهي بالمناسبة ليست آراء جديدة بل هي مكتوبة ومدونة في كثير من الدراسات التي قامت بها مراكز الأبحاث التي تسهم بالفعل في صنع القرار السياسي الأمريكي.

من بين هؤلاء الجنرال الأمريكي جون أبي زيد الذي قال أثناء محاضرة له في أحد هذه المراكز ونقلته الهيرالد تريبيون يوم 27-9-2007 إن الولايات المتحدة وحلفائها يمكنهم “التعايش” مع إيران النووية كما تعايشوا من قبل مع النووي الروسي والصيني داعيا في نفس الوقت الولايات المتحدة وحلفائها إلى مواصلة الضغط للحيلولة دون تطوير حكومة طهران لسلاح نووي.
أما الأدميرال ويليام فالون القائد الأعلى للقوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعهدة على نفس الجريدة فاعتبر أن سياسة قرع طبول الحرب لن تساعد على نجاح السياسة الأمريكية الهادفة لمنع إيران من تطوير خبراتها النووية داعيا في نفس الوقت للتأهب لصد أي هجوم إيراني نافيا أن يكون حديثه دعوة للحرب بل من أجل منع وقوعها.

فتش عن البرادعي

السبب الأول وراء هذا (الاعتدال) الأمريكي المفاجئ هو الاتفاق الذي أبرمه محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة النووية أغسطس الماضي مع إيران والذي تعهدت فيه إيران أن تعطي ردودا وإيضاحات حول بعض الجوانب الغامضة في برنامجها النووي.

هذا الاتفاق الذي باركته القوى الكبرى ورحبت به بصورة رسمية بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية رغم اعتراضاتها الإعلامية عليه عند إعلانه أو موافقتها مع احتفاظها بحق الرفض!!.

من ناحية أخرى فالبرادعي يمثل حاجة أمريكية حيوية لمعرفة ما يجري في إيران وليس حاجة إنسانية إيرانية كما يتوهم البعض ويكفي أن نعرف أن الولايات المتحدة لا تعرف أي موقع نووي إيراني عدا تلك التي يزورها مفتشو وكالة الطاقة النووية!!.

السبب الثاني لاعتدال اللهجة هو الكلفة العسكرية والسياسية الهائلة المحتملة لمثل هذه المغامرة التي يصر البعض على أن أمريكا قد حزمت أمرها وقررت القيام بها!!.

الأمر لا يتعلق بالتهديدات الإيرانية المعلنة من قريب أو بعيد بل بما كتبه المحللون الغربيون في دراسات منشورة في كل مكان.

فالغارة الإسرائيلية المحتملة على المفاعلات النووية الإيرانية هي عمل محكوم عليه بالفشل مقدما وسيكلف إسرائيل غاليا نظرا لبعد المسافة ومن ثم عدم قدرة الطيران الإسرائيلي على الإغارة على هذه الأهداف بصورة دقيقة ومحكمة ثم العودة من دون التزود بالوقود في الجو ولو حاولت إسرائيل القيام بذلك فلن تحقق إلا ضجة إعلامية يتلوها انفجار الموقف في المنطقة بأسرها.

أما عن الثمن الذي ستدفعه الولايات المتحدة والعهدة على الهيرالد تريبيون ومركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن فسيكون هو الآخر ثمنا باهظا بدءا من إمكانية استهداف قطعها البحرية المتواجدة في الخليج بالصواريخ والألغام الإيرانية فضلا عن قواتها المنتشرة في العراق وغيرها من بلدان المنطقة التي ستصبح عرضة للهجمات من كل شكل ولون.

أما الأهم من هذا وذاك فهو استقرار المنطقة بدءا من باكستان ومرورا بالخليج الذي سيصبح عرضة للعواصف من كل شكل ولون خاصة وأن الولايات المتحدة يمكن لها أن تقرر بدء حرب ولا يمكن لها أن تقرر متى وكيف يمكن إنهاؤها كما هو حالها الآن في العراق.

يضاف إلى كل ذلك ما أعلنه الجنرال بروس رايت، قائد القوات الأمريكية في اليابان، من أن العراق استنزف الموارد المخصصة لاستبدال أو تحديث سلاح الجو، وأوضح أن العمليات العسكرية هناك تستهلك الطاقة العملياتية القصوى للأسراب المقاتلة. قائلاً: لأول في التاريخ، نرى دولة أخرى، وهي الصين، تمتلك مقاتلات أحدث مما نملك.

خيار العقوبات

تسعى الولايات المتحدة داخل وخارج مجلس الأمن لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران رغم أن العقوبات التي فرضت سابقا والمتعلقة بمنع سفر بعض القيادات العسكرية الإيرانية لم تطبق إلا بصورة جزئية لسبب تافه وبسيط هو افتقاد الأمم المتحدة للمعلومات التي تمكنها من تطبيق هذه القرارات.

كما أن المعارضة الروسية لفرض مزيد من العقوبات قبل أن تصل المفاوضات الدائرة بين إيران ووكالة الطاقة النووية إلى نتيجة قاطعة تعرقل التوصل إلى مثل هذا القرار في الوقت الراهن.

لهذا السبب فإن الولايات المتحدة وبالتعاون مع صديقها الجديد في قصر الإليزية تروج لعقوبات اقتصادية أوروبية خارج إطار المنظمة الدولية وهذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

الحرب إذا ليست أمرا مفروغا منه وهي خيار بالغ السوء بالنسبة للولايات المتحدة المنهكة والمستنزفة بالفعل جراء حربها في العراق والأسوأ منها هو نتائجها التي لا يمكن لأحد أن يتكهن بها.

وإذا كانت الولايات المتحدة تبحث عن بدائل وخيارات أخرى تمكنها من تحقيق أهدافها فما هي البدائل والخيارات الأخرى المطروحة أمام (جمعية أصدقاء الحرب على إيران)؟؟.

الولايات المتحدة يمكنها التعايش مع النووي الإيراني (بفرض وجوده) كما تعايشت من قبل مع النووي الروسي والصيني ويمكنها أن تبقى قوة عظمى لعشرات السنين القادمة وأن تعود إلى عالم القطبية الثنائية أو المتعددة فهي لا تواجه تهديدا لوجودها على عكس أولئك الذين قاموا بتحميل لائحة من المطالب الوجودية على فاتورة الحرب المفترضة وهي معلومة للجميع ولا داعي لإعادة نشرها.

فبينما تتحدث الإدارة الأمريكية عن (النووي) يتحدثون هم عن العراق والجزر الثلاث ولبنان!!.

يبدو الأمر مذهلا عندما تراقب نفس الوجوه الذين حملوا مطالبهم من قبل على فاتورة الحرب الأمريكية في أفغانستان وعلى فاتورة الحرب الصدامية الأمريكية على إيران ثم لم يحصلوا في النهاية إلا على قبض الريح وهم يعيدون الآن إنتاج نفس المشهد من دون أدنى حاجة لاستعادة تاريخ لم يمض عليه حتى الآن ثلاثة عقود!.

الأهم من هذا وذاك أن الإصرار الإعلامي الغبي (حتى ولو استعان بكتاب من أمريكا) على شيطنة إيران ومن ثم تضخيمها وتقديمها في صورة المارد الذي يوشك أن يلتهمهم بقضمة واحدة مما يسهم في تحويل أسوأ كوابيسهم إلى حقيقة واقعة.

لم يستفد هؤلاء ولم يستخلصوا العبرة من أدائهم أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006 وهو الأداء الذي أسهم في رفع أسهم حزب الله إلى عنان السماء ما إن انتهت الحرب بغير النتيجة التي روجوا لها سلفا.

وهاهم يكررون نفس الخطأ الكارثي..

فلو لم تحدث الحرب من الأساس أو حدثت ولم تحقق النتائج المرجوة منها فالخاسر الأكبر سيكون أولئك الذين راهنوا على احتمال واحد رغم أن الأيام كانت ولا زالت حبلى بالمفاجآت!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

28-9-2007.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى