
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب الحراك الإخواني وبناؤه الفكري من حسن البنا إلى خيرت الشاطر الجزء الأول
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب الحراك الإخواني وبناؤه الفكري من حسن البنا إلى خيرت الشاطر الجزء الأول
(إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ). الإمام علي بن أبي طالب ع.
حظيت جماعة الإخوان المسلمين بإقبال واهتمام ضخم خلال الفترة الماضية، لدرجة أنها أصبحت محط آمال كثيرين في تغيير واقع الأمة نحو الأفضل، رغم تواضع أطروحاتها الفكرية، وتهافت التكوين الخلقي لرموزها الذين تصدروا المشهد لأسباب بعضها سياسي رغم افتقارها للمناهج الفكرية والنموذج التربوي والمثل الأعلى فهم لا يعرفون عليا ولا فاطمة ولا حسنا ولا حسينا!!.
قبل ستة عشر عاما من الآن سألت أحد (أقطاب التشيع) في مصر ممن أحترمهم بسبب فارق السن، هل ما زلت مرتبطا بالجماعة؟!.
قال نعم وانطلق مشيدا بها وبإمامها وبفضلها.
بعد 11 عاما باغتني باتصال هاتفي في مارس 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير وكنت لحظتها في مطار دمشق في طريق العودة إلى مصر، منددا بتحالف الإخوان مع أمريكا لتشكيل جبهة سنية في مواجهة الشيعة عامة وإيران خاصة!!.
قلت له: هل رأيت كيف أن هؤلاء لا أخلاق لهم؟!.
رد قائلا: ليست مسألة انعدام أخلاق لكنها المنفعة وهذا حقهم.
في عام 1984 كان الشيخ محمد الغزالي ضيفا لإلقاء محاضرة في مدينة المنصورة وذهبت بسيارتي لإحضاره من القاهرة.
لم يكن هذا أول معرفتي به فلطالما دعوته لإلقاء محاضرات في كلية طب المنصورة بداية سبعينات القرن الماضي عندما كنت أمينا للجنة الثقافية في اتحاد الطلبة وكان هناك ود قديم سمح له بالفضفضة، وانطلق يشكو من أوضاع الإخوان الراهنة والنصيحة التي قدمها لزوج ابنته الصحفي محمد عبد القدوس عندما ذهب إليه شاكيا من إساءات قادة الجماعة له حيث كانت كما يلي: قلت له، مصطفى مشهور لو حكم مصر لن يكون أحن عليك من مناحيم بيجين!!.
كان تعليقي على كلام الشيخ رحمه الله: صحيح لكن ليس هناك بديل عن ممارسة العمل الإسلامي مع جماعة الإخوان.
معلوم أن الشيخ الغزالي كان من أهم المفكرين في مصر وله كثير من الأطروحات الجيدة خاصة ضرورة التقارب المذهبي ورأيه في إيران الإسلامية حيث وصفهم في حوار شخصي معي بأنهم مؤمنون حقا وأنهم وجهوا له الدعوة لإلقاء خطبة جمعة طهران إلا أنه اعتذر لأن هذا حسب قوله سيحدث ضجة وأزمة في العالم الإسلامي هو في غنى عنها.
ورغم ذلك ورغم أنه مطرود من الجماعة مثل (قطبنا الشيعي) إلا أنه ظل يكن ودا وحبا (لإمامه حسن البنا) وأنه اعترض في حوار له مع (حسن أبو باشا) وزير الداخلية الأسبق عندما وصفه بأنه كان مجرد (خوجة إلزامي)، قائلا: حسن البنا أستاذي ومعلمي.
ما هو السر وراء حبل الود الممتد بين كثير ممن غادروا الجماعة وبينها؟!.
الأمر كما قال الشاعر: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول، كم منزل في الأرض يعشقه الفتى/ وحنينه أبدا لأول منزل!!.
إنها حالة عاطفية ترفض الإقرار بالواقع وتأبى الاعتراف بأن السائر على غير بصيرة كالسائر على سراب بقيعة لم تزده شدة السير إلا بعدا.
قبل أربعة أعوام كان لي لقاء مع أحد آخر المغادرين وهو الدكتور كمال الهلباوي قلت له على سبيل المداعبة لم لا ننشئ جمعية للمنشقين على الجماعة؟!.
قال لي: أنت لم تنشق عن الجماعة! أنت انشققت على نفسك قلت له: هل يعقل أن يمكث الإنسان حتى يبلغ عمره الستين ثم يكتشف أن إمام الجماعة واجب السمع والطاعة ليس بإمام؟!.
كنت أقصد بكلامي هذا صديقا آخر هو عبد المنعم أبو الفتوح، إلا أنه افترض أنه المقصود، فقال لا، حتى يبلغ الخامسة والسبعين.
فقلت له: كيف تقول إذا أنني انشققت على نفسي؟!.
لقد تركت الجماعة وعمري 32 عاما وكانت الفرصة متاحة أمامي لأعيد بناء نفسي فكريا وثقافيا.
ليس فقط أنتم منشقون على الجماعة أنتم مصابون بانفصام في الشخصية.
سبب آخر صعب على كثير من هؤلاء ترك الجماعة وتأخير اتخاذ قرار أعلم يقينا أنه كان يعتمل في أنفسهم هو الأسباب المالية والاجتماعية، إذ أن مغادرة هذا الجمع العرمرم يعني تحمل تبعات مالية وربما اجتماعية إذ ربما تطلق الزوجة الإخوانية وغيرها من العقوبات التي لا يجري إعلانها باعتبار أن (التارك لدينه المفارق للجماعة) مرتد ويتعين التفريق بينه وبين زوجته، ناهيك عن الخسارة المالية وربما انقطاع لقمة العيش نهائيا كما حدث مع كثيرين فما بالك بمن يحصلون على رواتب شهرية من الجماعة.
لم تمض سوى بضعة اشهر بعد لقائي مع الشيخ الغزالي حتى غادرت (الجماعة الوحيدة التي فهمت الإسلام فهما صحيحا شاملا) حسب زعمهم، والسبب الأهم كان تلك الممارسات التي قرنها بممارسات (الأخ) مناحيم بيجين!!.
الأخ مناحيم بيجين بالنسبة لي كان الأخ محمد خيرت الشاطر الذي فرح الإخوان أصحاب الفكر المحدود والعقل المتواضع بانضمامه لهم ورأوا فيه نقلة هائلة في البناء التنظيمي للجماعة بينما رأيت أنا خاصة بعد تصعيده الأخير نقلة أخذتهم نحو الهاوية لتطرفه السلوكي والفكري وهو القادم من صفوف منظمة الشباب الاشتراكي ذو النزعة اليسارية والهوس البالغ بالتنظيم والانضباط الحزبي وكلها أمور ذات حدين.
وباستثناء مشاركته المحدودة في تظاهرات عام 1968 التي قام بها عدد من طلاب مصر غضبا على هزيمة 1967 وإلقاء القبض عليه وتجنيده في الجيش بينما كان ما يزال طالبا في كلية الهندسة جامعة الاسكندرية ليعين بعد تخرجه معيدا في هندسة المنصورة حيث كنت طالبا في كلية الطب ونتعارف عبر عدد من (الإخوة) وهي كلمة تعني هؤلاء رفيق الدرب الإسلامي.
كنت وقتها وحتى عام 1976 ناشطا إسلاميا مستقلا بينما انضم هو للجماعة وأصبح مسئولا عن الجامعة ضمن الكادر التنظيمي الذي كان بدأ في إعادة التشكل تحت قيادة الحاج محمد رحمه الله، والرجل كان ضمن التنظيم المسلح الذي نفذ محاولة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية سنة 1954.
كان من (الطبيعي) أن يعمل الأخ هتلر أو بيجين على الإطاحة بالعبد الفقير من صفوف الجماعة بعد أن ارتقى لرتبة (أخ ثقة) بينما كنت أنا مجرد أخ عادي وكان مطلوبا تسقيطي عبر إشاعة بعض التهم ومن ضمنها (يحضر أفراح الإخوان دون دعوة)!!.
كان ضمن الطاقم الخاص بالأخ هتلر أخ آخر زميل في كلية الطب اسمه محمد عبد الرحمن وهو الآن أحد المتنافسين على منصب المرشد العام للجماعة بعد نكبتها وكان لديه قدرة ببغائية هائلة على ترديد ما يقوله الأخ هتلر من تهم أيا كان تفاهتها!!.
أما الحاج محمد رحمه الله فكان شخصا متواضع الإمكانات عدا سجنه عشرين عاما، محدود التعليم، وكانت أغلب أحاديثه تدور حول الإمكانات الخارقة التي يتمتع بها عضو الجماعة لمجرد أنه انتقل من حالة العدم ليصبح من الإخوان!!.
شكل الحاج محمد على ضآلة علمه واطلاعه نموذجا ونمطا ساد أوساط الجماعة المهتمة بالضبط والربط على حساب النوعية دون أن يعرف أحد حتى الآن شيئا عن النوعية المطلوبة.
في جلسة مع الحاج محمد تطرق الحديث إلى الثورة الإيرانية فكان أن أفاض علينا بتصريح يكشف العقلية التي ما تزال سائدة حتى هذه اللحظة حيث قال (أمريكا لما حبت تشيل الشاه جاءت بالخميني)!!.
ليته قال (أمريكا لما حبت تجيب الخميني شالت الشاه) إذ أن كلامه يعني شيئا واحدا: هو أن الإمام الخميني رضوان الله عليه الذي قلب الموازين الدولية والإقليمية هو مجرد أثر جانبي من آثار غضبة أمريكا على شاه إيران السابق دون أن يقدم أي تفسير لماذا ومتى غضبت أمريكا على الشاه؟!.
كان للحاج محمد أيضا رأيه في الشيعة حيث كتبت كتيبا للتعريف بالثورة الإيرانية عام 1979 وكنا ننوي نشره ولما ذهب أحد الإخوة لاستئذانه رفض الفكرة قائلا: هؤلاء شيعة لا شأن لنا بهم.
لم يكن هذا رأيه وحده بل كان هذا أيضا رأي المرشد الأسبق مصطفى مشهور رجل التنظيم المسلح الذي رد في ندوة عامة على سؤال حول الثورة الإيرانية فأخذ يعدد العوامل الاجتماعية والسياسية التي أفضت لاندلاع الثورة الإسلامية (.. على ما لدى الشيعة من انحرافات عقائدية).
حتى وإن كان هناك بين المنتمين للجماعة من يرى في الشيعة رأيا مغايرا لرأي المعادين فهؤلاء لا يؤبه ولا لرأيهم فالموقف الغالب عند قيادات الصف الأول هو الموقف العدائي وهو ما كشفت عنه وثائق الخارجية السعودية المسربة.
وثيقة رقم 1: سري وهام بتاريخ 14-صفر 1433
صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل
وزير الخارجية
أود إفادة سموكم الكريم أن مجلة المصور المصرية نشرت في عددها الصادر بتاريخ 4 يناير 2012 تقريرا عن إيران والشيعة في مصر، وكذلك عن علاقة إيران بالإخوان المسلمين ورد منه عددا من النقاط الهامة التي أود أن أوضحها لسموكم الكريم مشفوعة بمرئياتي.
أشار التقرير إلى أن مبدأ التقارب بين إيران والإخوان الذي يعد أبرز من عبر عنه مرشد الجماعة الأسبق مهدي عاكف في تصريحات سابقة لم يأتي على هوى “الإخوان الجدد” حيث هناك انقسام داخل الإخوان أنفسهم حول هذه المسألة ويعد “فريق العجائز” هم من يرحبون بالمحاولات التقريبية بين الإخوان وإيران، في حين يعارض عدد من قيادات الجماعة الحالية هذه المحاولات وأبرزهم:
*خيرت الشاطر (النائب الأول للمرشد العام).
* محمود غزلان (المتحدث الإعلامي باسم الجماعة وصهر خيرت الشاطر.
* محمود عزت (نائب المرشد العام).
والجدير بالذكر أن هؤلاء الثلاثة يضاف إليهم رشاد البيومي (نائب المرشد العام) هم القيادات الأبرز داخل مكتب الإرشاد الذي يعد الهيئة العليا الحقيقية المسيرة لأعمال الجماعة بما فيها حزب (الحرية والعدالة) الذراع السياسي الجديد ويعد المرشد العام محمد بديع أضعف من أن يواجه أفكار الجماعة وهو ما تؤكده عدد من المصادر حتى من داخل الجماعة نفسها، وهو مجرد واجهة فقط والمحرك الحقيقي والقائد الفعلي للجماعة هو المهندس خيرت الشاطر. انتهى.
وثيقة أخرى تكشف عن طريقة تفكير قادة الجماعة من (محمد بن سعود بن خالد) وكيل الخارجية السعودية لشئون المعلومات والتقنية لوزير الخارجية سعود الفيصل بتاريخ 28 ربيع ثاني 1433.
سمو الوزير حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفيد سموكم الكريم بأني تلقيت رسالة من الدكتور خليل بن عبد الله الخليل عضو مجلس الشورى السابق تفيد بلقاء تم بينه وبين سعادة الدكتور محمد مرسي مؤسس ورئيس حزب الحرية والعدالة وأثناء اللقاء أظهر الدكتور مرسي الكثير من المحبة والتقدير للقيادة والشعب السعودي وللعلماء (لاحظ) وذكر أكثر من مرة أنه لا يثق بالسياسيين الإيرانيين ولا يتفق مع أمثال محمد سليم العوا في نظرتهم المهادنة لإيران ويرى أن السعودية هي زعيمة الإسلام السني.
وقد تقدم الدكتور خليل باقتراح يلتمس من سموكم تحقيق رغبة سعادة الدكتور محمد مرسي في المجيء بصحبة عائلته إلى المملكة لأداء العمرة واستضافته كزعيم سياسي ورئيس حزب مهم في مسيرة الأحداث في مصر، وترتيب بعض اللقاءات لسعادته مع من يراهم سموكم من منطلق بناء علاقات طيبة مع بعض الشخصيات المعتدلة والمؤثرة في الأحداث الراهنة.
كما عبر الدكتور خليل عن استعداده للمشاركة مع الوزارة في إنجاح برنامج الزيارة.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور خليل شارك في ندوة (الأحزاب الإسلامية في السلطة: طبيعتها وآليات التعامل معها) التي نظمتها وزارة الخارجية مؤخرا ووجه سموكم بمناقشة مداولاتها في لجنة برئاسة سموكم لمتابعة الأوضاع السياسية في العالم العربي بعد الثورات وانعكاساتها على مكانة المملكة الإقليمية.
الرأي: والرأي الأتم لسموكم الكريم أهمية التفضل بتحقيق ما ورد في اقتراح الدكتور خليل واستضافة مؤسس ورئيس حزب الحرية والعدالة وترتيب بعض اللقاءات له مع بعض الشخصيات الإسلامية المكعتدلة.
محمد بن سعود بن خالد
وكيل الوزارة لشئون المعلومات والتقنية
82-4-1433.
طبعا كانت هذه أفكار مرسي وهي ذاتها أفكار الشاطر وسائر الفريق الوهابي الحاكم في جماعة الإخوان الذين تحدث عنهم التقرير الأول حيث: (ذكر أنه لا يثق بالسياسيين الإيرانيين ولا يتفق مع أمثال محمد سليم العوا في نظرتهم المهادنة لإيران ويرى أن السعودية هي زعيمة الإسلام السني)!!!.
هذه هي ثقافتهم أو منقوع الجهل المركز الذي رضعه هؤلاء في حواضن الجماعة وهم أناس كانوا ولا زالوا يتطلعون لقيادة الأمة وسوقها نحو الفرقة والهلاك!!.
الدكتور رمضان بطيخ!!
في ندوة تليفزيونية بثت على الهواء مباشرة لمناقشة أوضاع الشيعة في مصر من قناة المحور كان معي الدكتور الإخواني رمضان بطيخ أستاذ القانون العام في جامعة عين شمس المصرية وعضو هيئة إعداد الدستور الوهابي الإخواني.
سأل مقدم البرنامج (عمرو الليثي) هذا البطيخ عن رأيه في الأمر فرد قائلا: مشكلة الشيعة معروفة هم يقولون أن الوحي أخطأ ونزل على محمد صلى الله عليه وآله بدلا من علي عليه السلام.
رددت على هذا الأحمق قائلا: هذا هو الجهل بعينه!!.
قال: أنا جاهل؟؟!!
قلت والله لقد بحثت عن صفة أخف من الجهل فلم أجد!!.
الحديث عن تقسيم الإخوان على خلفية فكرية بين بنيين نسبة لحسن البنا وقطبيين نسبة لسيد قطب لا تعدو كونها مبالغة كبرى إذا ليس للإخوان مراجع فكرية ثابتة ومن باب أولى (أناجيل) يتنازعون على صحتها والشي الثابت عندنا أن قيادة الإخوان فكريا آلت في العقود الأخيرة إلى الأخ خيرت الشاطر وزبانيته الأبرار وهذا ما يفسر تهميش أو تنحية كل من لم يتماشى مع نزعاته الهتلرية التسلطية من الوجوه المعروفة اجتماعيا وليس فكريا مثل عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان ممن أعطوا الجماعة بريقا ووهجا لقدرتهم على الكلام المتواصل حتى ولو كان بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
الإخوان ليس لديهم مشروع فكري!!
أحد أخطر اعترافات الإخوان التي مرت مرور الكرام هو ما أدلى به صديقنا الدكتور عاصم العريان ردا على انتقاد الأستاذ سيد ياسين للجماعة.
ردًا على اتهامها بأنها ليست لديها مشروع فكري.. العريان: “الإخوان” ليست جماعة معرفية أو مجموعة من المثقفين.. وخطاب سيد قطب وليد بيئة القهر والاستبداد
كتب سامي البلتاجي (المصريون): : بتاريخ 17 – 10 – 2009
أكد الدكتور عصام العريان، مسئول المكتب السياسي بجماعة “الإخوان المسلمين” أن “الإخوان ليست جماعة معرفية وليست أزهر وليست مجموعة من المثقفين، فهي تضم فئات مختلفة عمال وفلاحين وطلاب ومهنيين”، ردا على اتهام سيد ياسين مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ “الأهرام” للجماعة بأنها ليس لها مشروع فكري.
وقال في تصريح لـ “المصريون”: “جماعة الإخوان هدفها إحياء وإيقاظ الإيمان في نفوس الناس، وإعادة الاعتبار للإسلام كمنهج للحياة وبناء جيل قادر على إحداث نهضة شاملة بالبلاد على أساس الإسلام، ولذلك حتما لا تجد في تراثها كتبا معرفية عميقة لأنها ليست جماعة ثقافية”.
وحول قوله بأن سيد قطب هو الوحيد في جماعة الإخوان الذي كان بإمكانه عمل مشروع فكري معرفي، قال العريان: سيد قطب يختلف الناس حول ما قدمه لكنه في النهاية من الإخوان وهم فخورون به وفي نفس الوقت يصححون ما ذهب إليه البعض من تطرف في فهم وتفسير ما كتبه.
واستدرك قائلا: هو- يقصد قطب- في النهاية حكم وأُعدم على أنه من “الإخوان” فكان من مسئوليتهم أن يصححوا ما ذهب إليه البعض من تطرف في فهم كلامه، لأن هذا الكلام كان وليد البيئة التي ولد فيها وهي بيئة القهر والاستفزاز فكان لا بد لها أن تنتج خطابا شديدا صارما[1].
مسكين عصام العريان الذي كنت أسميه في مقالاتي (عنترة المتحدث المتواصل باسم جماعة الإخوان) وكم يعز علي أن يقبع الآن في أقبية السجون لأنه لم يكتشف في الوقت المناسب أن إمام الإخوان ليس بإمام فما بالك إن كان هذا الإمام هو محمد هتلر خيرت الشاطر!!.
بعد هذا التصريح الانتحاري ليس في شجاعته بل في سفاهته التقيت أحد أقربائي الذي كان يشغل منصبا رفيعا في الجماعة (مسئول محافظة القليوبية) وأبديت استغرابي من هرتلات عصام العريان، فرد بهدوء شديد: ما حاجتنا لمشروع فكري؟!، لو واجهتنا أي معضلة يمكن أن نأتي بأي بحث من المكتبة ونحل المشكلة!.
صورة طبق الأصل من الحاج محمد الذي سألته يوما عن الفقه المعتمد فرد نفس الرد: أي كتاب فقه من المكتبة يمكن أن يحل المعضلة!!.
أما قصة أن الناس هم من تطرفوا في فهم ما قاله سيد قطب أي أنه لم يكن تكفيريا ولا متطرفا فهي شنشنة أعرفها من أخزم، إلا أن إلقاء اللوم عليه وحده باعتباره المصدر الأول للتكفير والإرهاب هي خدعة لا تنطلي على من سبر أغوار المشاريع التكفيرية بألوانها وأطيافها، حيث يتنصل قادة التكفير وممولوه من جرائمهم ويلقونها على شخص ميت لا لأنه لا يقدر على الدفاع عن نفسه وحسب بل للتعمية على أفعالهم المخزية!!.
جماعة الإخوان حسب عصام العريان هي جماعة الإيمان هدفها: إحياء وإيقاظ الإيمان في نفوس الناس، وإعادة الاعتبار للإسلام كمنهج للحياة وبناء جيل قادر على إحداث نهضة شاملة بالبلاد على أساس الإسلام، ولذلك حتما لا تجد في تراثها كتبا معرفية عميقة لأنها ليست جماعة ثقافية!!.
أمان ربي أمان!!!
كيف تكون وظيفة جماعة الإخوان بناء جيل قادر على إحداث نهضة ليست فقط نهضة عادية بل نهضة شاملة على أساس الإسلام وكيف يصبح أحد أهم شروط هذه النهضة الشاملة ألا يوجد في تراثها كتبا معرفية عميقة لأنها ليست جماعة ثقافية!!.
كيف تتحقق هذه النهضة الشاملة إذا كان الهم الأوحد للجماعة التي تزعم وتدعي أنها فهمت الإسلام فهما صحيحا شاملا هو الركض في الأسواق وتعبئة صناديق انتخابات الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والبرلمانات بأوراق تعلن تسيد الإخوان على كامل الفضاء الثقافي والسياسي وسد كل المنافذ والثغرات التي يمكن أن يتسلل منها كاتب أو مفكر يعمل على تقديم رؤية إصلاحية أو مراجعة تاريخية للأخطاء التي وقعت فيها الأمة والتي يتعين تلافيها وتصحيحها إن كانت الجماعة تريد وتعمل وفقا لتلك الأهداف المزعومة.
الأفعال تخالف الأقوال وليس لنا أن نصف ما فعلته الجماعة طيلة عهدها الأغبر إلا بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) الصف 2-3.
لا عجب إذا أن تكون إحدى أولويات الجماعة التخلص من كل مفكر حر ليس فقط يعارض جهالاتهم بل يفضح هذا الجهل المركب ويكشف ضآله وضحالة معرفتهم بالإسلام ومن ضمن هؤلاء كاتب هذه السطور.
الجماعة تواصل سياسة الاغتيال
لا عجب أن تكشف الصحافة المصرية عن خطط الجماعة لاغتيال عدد لا بأس به من الكتاب والمفكرين بينهم كاتب هذه السطور، حسب لائحة الأسماء التي ذكرتها الصحف المصرية ومن ضمنها صحيفة روز اليوسف الصادرة بتاريخ 3 ديسمبر 2012 وهي صحيفة حكومية لا يمكن أن تكون منحازة أو متعاطفة معنا[2].
ربما يتساءل البعض عن مصداقية هذه التقارير والرد على هؤلاء انني تعرضت بالفعل قبل عام ونيف من نشر التقرير لحادث سيارة مدبر وازداد طين الجماعة (الحاكمة آنئذ) بلة عندما أرسلوا لي رسائل تهديد مباشرة بالقتل على هاتفي النقال تتضمن اعترافا بالمسئولية عن حادث السيارة الذي وقع بتاريخ 9-9-2011 ولا زلت محتفظا بها.
بين حسن البنا وسيد قطب!!
لو أخذنا تصريحات (عنترة المتحدث المتواصل باسم الجماعة) وهو من هو، على محمل الجد فمن المؤكد أن ثمة معضلة واجهها هؤلاء بالفعل.
إما أن الجماعة كان لديها بالفعل بناء فكري تخلت عنه لتصبح حركة استعراض أو استنهاض كما يقول العريان!!، أو أن ذلك الشيء لا وجود له من الأساس حيث تكونت الجماعة على أساس بعض الأفكار والرؤى السطحية مثل الزعم بأن الإسلام لم يعد موجودا منذ بضع قرون كما يقول سيد قطب أو منذ سقوط الخلافة العثمانية كما يقول حسن البنا ثم نسي الجميع (أصل الحكاية) وتفرغوا للدور المنوط بهم ضمن لعبة الأمم، تماما مثلما نسي المتقاتلون في حرب داحس والغبراء السبب الأصلي لاندلاع الحرب التي أصبحت جزءا من روتين حياتهم اليومي!!.
الثاني عندي هو الأصح!!.
رشيد رضا وجماعة الإخوان المسلمين
ليس صحيحا أن حسن البنا الذي أسس جماعته في العشرين من عمره فعل هذا من تلقاء نفسه في وقت كانت فيه مصر تحت الاحتلال وكانت تغص برجال المخابرات الإنجليزية وعملائها ومن ضمنهم الأب الروحي للبنا جاسوس بريطانيا محمد رشيد رضا.
قام رشيد رضا بدور حلقة الوصل بين الوهابية السعودية والإخوان المسلمين في مصر فجماعة الإخوان الوهابية التي نشأت في السعودية سنة 1912 انتقلت مؤثراتها السياسية وأفكارها الدينية إلى مصر عن طريق رشيد رضا الذي تتلمذ حسن البنا على يديه وارتبط بفكره السلفي وبمدرسة الدعوة ومجلة المنار.
ويعترف حسن البنا في مذكرات الدعوة والداعية بتأثير الشيخ رشيد رضا عليه وأنه كان دائم الحضور في مجالسه وأنه تأثر تأثرا كبيرا بما كانت تنشره المجلة وأن الجماعة خرجت من عباءة رشيد رضا وحركته السياسية قد قادته وجماعته من الإخوان للارتباط بشكل أو بآخر بالمذهب الوهابي والنظام السعودي[i].
الأفكار
كانت هذا عن الأدوات أما عن الأفكار فلنرجع إلى التطابق أو الاقتباس الحرفي الذي قام به حسن البنا في أصوله العشرين وما دونه محمد بن عبد الوهاب في كتابه (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) الوهابي.
يقول حسن البنا: الأصل الرابع :
والتمائم والرقى والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب، وكل ما كان من هذا الباب، منكر تجب محاربته، إلا ما كان آية من قرآن أو رقية مأثورة .
أما صاحب التوحيد الوهابي فيقول: باب ما جاء في الرقي والتمائم
في (الصحيح) عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) [رواه أحمد وأبو داود]. وعن عبد الله بن عكيم مرفوعاً: (من تعلق شيئاً وكل إليه). [رواه أحمد والترمذي].
الأولى: تفسير الرقي والتمائم.
الثانية: تفسير التولة.
الثالثة: أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء.
يقول حسن البنا في أصله الرابع عشر :
وزيارة القبور أياً كانت سنة مشروعة، بالكيفية المأثورة، ولكن الاستعانة بالمقبورين، أياً كانوا، ونداءهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد والنذر لهم، وتشييد القبور، وسترها، وإضاءتها، والتمسح بها والحلف بغير الله وما يلحق بذلك من المبتدعات، كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لهذه الأعمال سداً للذريعة .
أما محمد بن عبد الوهاب فيقول في التوحيد: ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله روى مالك في (الموطأ): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: (أفرءيتم اللات والعزى) قال: كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج. [رواه أهل السنن].
فيه مسائل: الأولى: تفسير الأوثان… الثانية: تفسير العبادة.
الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعه.
الرابعة: قرنه بهذا اتخاذ قبور الأنبياء مساجد.
الفارق بين الوهابية في صورتها النجدية والوهابية بعد تمصيرها على يد حسن البنا أن ابن عبد الوهاب لم يكن ليمانع في (طس) كلمة كافر أو مشرك أو وثني بصورة متواصلة أما حسن البنا المعتدل فيستخدم أوصافا تكفيرية مخففة (بدع.. كبائر) قبل أن يوصي (رضي الله عنه) بشن الحروب عليها وهكذا يكون الاعتدال والوسطية وإلا فلا.
ليس هنا مجال الرد التفصيلي على هذه الترهات الوهابية خاصة وقد قمنا بهذا في كتاب (نقض الوهابية) وقام كثير من العلماء بالرد على تلك الفرقة التكفيرية وتفنيد خزعبلاتهم.
الأفكار التي أوردها (محمد بن عبد الوهاب) في كتيب (التوحيد) لا تعدو كونها اقتباسا وتلخيصا حرفيا لكتاب ابن تيميه (اقتضاء الصراط المستقيم)، أما الأدهى والأمر أن هذه الأفكار التيمويه لا تعدو كونها أسلمة للأفكار الصهيونية التي أوردها الكاهن اليهودي موسى ابن ميمون في كتابه (دلالة الحائرين) وقبل ذلك لم يكن لها وجود ولا أثر في كتب العقائد الإسلامية السنية[3]!!.
ظلت هذه الأفكار التيمويه ظلت حبيسة كتب ابن التيميه ولم يجر تعميمها إلا مع ظهور الحركة الوهابية في القرن الثامن عشر ببركة الدعم الأنجلوسكسوني ولم يكن أحد من المسلمين يجرؤ على الجهر بها أو تبنيها حتى جاء الإنجليز ورفعوا عنها الغطاء.
المهم أن (سادتنا) الأنجلوسكسون قد منحونا حركة (إصلاح بروتستانتي) تعمل بكل ما أوتيت من قوة على هدم المرجعيات العلمية أزهرا كان أم نجفا.
قاوم الأزهر في السابق إلا أنه رضخ الآن وهاهو شيخ الأزهر أحمد الطيب (الصوفي المعتدل) يمنح غطاءه للإخوان الوهابيين ليتركوه وشأنه حتى تنتهي مدة مشيخته.
وهنا لا بأس من مناقشة ما يدعيه البعض من أن الاختراق الوهابي للجماعة الإخوانية حدث بعد ذهابهم للعمل في المملكة الوهابية، وهو كلام يتجاهل حقيقة أن حسن البنا في بداية سعيه لتكوين الجماعة كان يسعى لضم كل من يرغب في الانضمام إليه والكثير من هؤلاء جاء من خلفية الثقافة المصرية التقليدية التي كانت إلى عهد قريب تزدري الثقافة الوهابية أي جاءوا ومعهم ثقافتهم وكان مطلوبا أن تظهر البصمات الوهابية الحقيقية في الأجيال الإخوانية الجديدة التي تلقت ثقافتها من منابعها التي تكرست وهابيتها (المصرية المعدلة) بعد جيل أو جيلين.
هذا هو حسن البنا (مخلوق النور) وهؤلاء هم أساتذته وموجهوه وهذه هي ارتباطاته الفكرية والاستخبارية المشبوهة والمشوهه ومن حقنا أن نسأل من الذي نصبه إماما للمسلمين أو حتى للإخوان المسلمين وجعل من أتباعه أصحاب الفهم الصحيح الشامل الكامل للإسلام؟!.
اعتمد حسن البنا خطابا استنهاضيا عاطفيا يقوم على إلهاب حماسة المتلقين المتلهفين للجهاد في سبيل الله دون أن يعرفوا إلى أين يقودهم إمام الجماعة الصبي الذي كان يحلم بإمامة الأمة.
يقول (إمام الإخوان) : “أيها الأخوان بل أيها الناس أجمعون لسنا حزبا سياسيا وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا ولسنا جمعية خيرية إصلاحية ولسنا فرقة رياضية ولكننا أيها الناس فكرة وعقيدة ..نظام ومنهاج لا يحده موضع ولا يقيده جنس ولا يقف دونها حاجز جغرافي نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله وحملة رايته من بعده ورافعو لوائه كما رفعوه وناشرو لوائه كما نشروه وحافظو قرآنه كما حفظوه ورحمة الله للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين”.
مجموعة رسائل حسن البنا ص 197-198.
” أيها الأخوة إنكم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس وإنكم العقل الجديد الذي يريد الله أن يفرق به للإنسانية بين الحق والباطل وإنكم دعاة الإسلام وحملة القرآن وصلة الأرض بالسماء وورثة محمد صلى الله عليه وسلم وخلفاء صحابته من بعده وبهذا فضلت دعوتكم الدعوات وسمت غايتكم على كل الغايات” ص201-202 نفس المصدر.
الله أكبر الله أكبر كل هذه الصفات في جماعة أنشأها حسن البنا عام 1928 أي بعد عصر النبوة بثلاثة عشر قرن!!!.
وبالرغم من تلك الصبغة الأسطورية التي حاول إمام الجماعة أن يضفيها على تنظيمه وقد نجح بالفعل في بث هذه الخرافات في عقولهم نراه عندما يتحدث في شئون السياسة ينحو منحى واقعيا وإن لم يكن عقلانيا محاولا إخلاء الساحة من منافسيه عبر إقناعهم بإخلاء الساحة من كل من عداه من الأحزاب والأفكار فهو وحده (حامل ميراث النبوة… اللواء والقرآن) فنراه يقول “ويعتقد الأخوان أن الحزبية قد أفسدت على الناس حياتهم وعطلت مصالحهم وأتلفت أخلاقهم (؟؟!!) ومزقت روابطهم وكان لهم في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر ويعتقدون كذلك أن النظام البرلماني في غنى عن نظام الأحزاب بصورته الحاضرة في مصر وإلا لما قامت الحكومات الائتلافية في البلاد الديمقراطية فالحجة القائلة بأن النظام البرلماني لا يتصور إلا بوجود الأحزاب حجة واهية وكثير من البلاد الدستورية البرلمانية تسير على نظام الحزب الواحد وذلك في الإمكان(…).
“كما يعتقد الأخوان أن هناك فارقا بين حرية الرأي والتفكير والإبانة والإفصاح والشورى والنصيحة وهو ما يوجبه الإسلام وبين التعصب للرأي والخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع هذا الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام وهو ما تستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه اشد التحريم” ص146-147 نفس المصدر.
أما أن إلغاء الحياة الحزبية واتباع سياسة الحزب الواحد القائد والرأي الواحد السائد هو أمر في الإمكان فقد تبين بعد ذلك بالفعل صحة كلام إمام الأخوان عندما نجح تلاميذ الإمام من ضباط الجيش في الانقلاب على النظام الدستوري القائم في مصر آنئذ وحل كل الأحزاب وحققوا أمنية (الإمام) ومن يومها إلى يومنا هذا ما زلنا نعيش (أزهى عصور الديمقراطية التي تمناها الإمام!!).
أما عن رؤية (الإمام) السياسية للديمقراطية والشورى التي تكشفها تلك السطور المعبرة فلا تحتاج إلى شرح ولا تفسير إذ أنه يرى الشورى غير ملزمة كونها تزعزع سلطان أسيادنا من الحكام وهو (ما تستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه أشد التحريم)!!.
ولكن عن أي إسلام يتحدث الإمام؟؟.
إنه يتحدث عن إسلام ابن حنبل وابن عبد السلام وغيرهم من وعاظ السلاطين الذين يرون وجوب السمع والطاعة للحاكم المتغلب برا كان أو فاجرا ما لم يأمر بمعصية أو يأت بكفر بواح إلى آخر تلك الترهات التي جعل منها القوم دينا يدينون به.
أي أنه كان يسعى للإطاحة بديمقراطية ناشئة من أجل أن يأتي بديكتاتورية تحكم باسم الدين ولكن أي ديكتاتورية أرادها (الإمام)؟؟.
لم يتوقف إمام الإخوان في سعيه الدؤوب للإطاحة بالتعددية السياسية عند حدود الأقوال بل تخطاها إلى الأفعال التحريضية عندما قاد وفدا من (المصلحين) السائرين على نهجه “فطلبوا من جلالة الملك حل هذه الأحزاب القائمة حتى تندمج في هيئة شعبية واحدة تعمل لصالح الأمة على قواعد الإسلام” وهو يردد “أن الأخوان يعتقدون في قرارة أنفسهم أن مصر لا يصلحها ولا ينقذها إلا أن تحل هذه الأحزاب كلها وتتألف هيئة وطنية عاملة تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن) نفس المصدر.
أي أن الإمام كان كمن يسعى إلى حتفه بظلفه ناسيا أن المناخ الذي سمح له بالتجرأ على المطالبة بحل الأحزاب وتشكيل هيئة من (المصلحين) تتوجه إلى (فاروق الأول ملك البلاد) كان مناخ التعددية الذي سمح له ولأتباعه من بعده باستمراء ثقافة القتل والتحريض وأنه هو وجماعته هم خير من انطبق عليهم كلامه واتهامه (التعصب للرأي والخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام وهو ما تستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه اشد التحريم).
فالمشكلة لم تكن يوما ما في التعددية الحزبية ولا تعددية الآراء التي يمكن من خلالها تبين وجوه الآراء ومعرفة وجه الخطأ من الصواب بل في ثقافة التحريض على القتل التي أتقنها هذا الصنف من البشر والتي تسببت بعد ذلك في قتله (رأسا برأس) وانتهاء وجودهم كجماعة منظمة مسلحة تنظم المسيرات وتجيش الجيوش ولكنهم وللأسف الشديد لم يذهبوا إلى الحفرة بمفردهم بل أخذوا معهم كل الحريات التي كانت موجودة آنئذ ولا زلنا في انتظار الفرج الإلهي حتى نخرج من هذا النفق المظلم.
دارت رؤية الإخوان وتمحورت حول ثلاثة محاور فكرية رئيسية.
- أن العالم الإسلامي يعيش في حالة ردة وانحراف عن (صحيح الدين) منذ (فترة من الزمن؟؟) اختلفت حولها التقديرات ما بين قائل (منذ سقوط الخلافة العثمانية) وقائل منذ (انتهاء العمل بأحكام الشريعة الإسلامية) أي أن الأمة الإسلامية لم تعد موجودة بسبب انتهاء العمل بأحكام الشريعة الإسلامية فلا بد من العودة إلى الشريعة كي تعود الأمة من جديد.
- ضرورة إعادة إنشاء الأمة الإسلامية التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية من جديد من خلال تأسيس الجماعة التنظيم التي سينضوي تحت لوائها المؤمنون الجدد والتي ستصبح بعد فترة من الوقت هي الأمة الإسلامية الحقيقية أو ما يمكن أن نسميه (استنساخ الأمة الإسلامية) وإن شئت الدقة قلت استمساخ الأمة لأن الجنين الجديد أو الأمة الجديدة نشأ مسخا مشوها وعاش قدر ما عاش مسخا وما تبقى منه الآن لا تعدو كونها انشطارات مسوخية هي أبشع وأسوأ من كل ما تخيله أشد المتفائلين تفاؤلا بإنجازات القوم.
- ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولما كانت المهمتان السابقتان (الشريعة والأمة) لا تتحققان إلا بوجود قيادة جديدة أو إمامة بديلة كان لا بد من إيجاد تلك الإمامة التي هي قيادة التنظيم التي ستتحول لاحقا لتصبح إمامة عموم المسلمين رضي من رضي وسخط من سخط وليست هناك مشكلة إذ أن مياه البحار والمحيطات تشكل أربعة أخماس المعمورة وهي قادرة على تلبية احتياجات كل من لم يرض بهذه القسمة الضيزى.
وللحديث بقية في الجزء الثاني.
دكتور أحمد راسم النفيس
المنصورة مصر
- 26/12/2016
- الإثنين، 27 ربيع الأول، 1438
[1] http://www.almesryoon.com/Archive/ShowDetails.asp?NewID=71355&Page=1
[2] http://www.rosaelyoussef.com/news/6058/%
[3] اقرأ بحثنا التوحيد التيموي الميموني ضمن كتاب (نقض الوهابية) ط3 مصر أحمد راسم النفيس.
[i] السعودية والإخوان المسلمون. دكتور محمد أبو الأسعاد. مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان ص 29-41 سنة 1996.