دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: إمامي المذهب ماركسي المعتقد!! عن كارثة الانفصام بين المذهب والمعتقد!!
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: إمامي المذهب ماركسي المعتقد!! عن كارثة الانفصام بين المذهب والمعتقد!!
يختلف عالم المعتقد الإلهي عن عالم الواقع حيث يمكن في عالم الواقع أن يزعم الإنسان أنه شافعي المذهب أشعري الاعتقاد وقياسا على ذلك يمكن للمرء أن يزعم أنه إمامي المذهب ناصري أو ماركسي المعتقد والعبرة في ذلك ليس بقوة الأدلة ولا اكتمال التصور والبرهان بل بقوة الأمر الواقع التي تمنح هؤلاء الحصانة وتمنع التصدي لهم فكريا وتهشيم أوهامهم وتحويلها إلى ما ينبغي أن تكون عليه كمجرد حطام وأوهام!!.
وعلى سبيل المثال يؤمن المسلم الموالي لأئمة أهل بيت النبوة بالعدالة الإلهية كمكون أساس من مكونات المعتقد لأن العدل الإلهي هو سر الله المودع في ذرات هذا الكون مهما صغرت كما في قمم الجبال وشواهقها مهما كبرت وهو ظل الإنسان وأثره وتبعة عمله سواء كان هذا الإنسان فردا صغيرا أو دولة عظمى أصابها هوس القوة وجنون العظمة وأبت قدرة الله ومشيئته إلا أن تتعقبهم وأن تخلفهم في أعمالهم وأفعالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
العدل أيضا ليس ميزانا يحكم العلاقة بين الأحياء وحسب فهو ميزان يحدد طبيعة العلاقة بين الإنسان والطبيعة وحسبك قول الله تبارك وتعالى (ظهر الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[1].
لماذا يتعين على المسلم الإمامي أن يبحث بين ركام الماركسية أو الناصرية عن وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية اللهم إلا لأنه وجد أن ذلك الانفصام العقدي أو الفكري أمرا لا بأس به لامتلاك الوجاهتين الاجتماعية والدينية فهو حداثي مع الحداثيين وتقليدي مع التقليديين على طريقة الصلاة مع علي أتم والطعام مع معاوية أدسم!!.
كما أنه مسوغ لما يراه البعض نوعا من الحنكة والاستقواء برفاق اليسار أو برفقة القومية المدعاة التي كانت سببا من أسباب نكستنا الراهنة.
كان عبد الناصر واحدا من حكام العصر الحديث وكانت له تجربته التي حققت بعض نجاحات وكثيرا من الكوارث والإخفاقات ومن ثم فنحن لا نرى مبررا لمعاداته على طريقة الإخوان الذين أسهموا في المجيء به إلى السلطة قبل أن ينقلب عليهم أو ينقلبوا عليه ولا نرى أيضا مبررا لاعتماده مرجعية عقائدية ونموذجا يتعين علينا الاهتداء بهديه خاصة بعد خمسين عاما من رحيله!!.
لا تختلف تجارب الحكومات عن الذاكرة المؤقتة لجهاز الحاسوب بخلاف الذاكرة الدائمة الآتية إلينا من عمق الرسالة الإسلامية عن محمد وعلي والحسن والحسين والتي تحتوي ثوابتنا المرجعية التي يتعين علينا دوما استحضارها والرجوع إليها.
لماذا إذا يتعين علينا التصدي لهذه العاهات والأمراض الفكرية التي ضربت جسدنا الفكري المنهك والمهدد دوما؟!.
رحم الله دعبل الخزاعي حينما قال: ما أَكثَرَ الناسَ لا بَل ما أَقَلَّهُمُ/ اللَهُ يَعلَمُ أَنّي لَم أَقُل فَنَدا/ إِنّي لَأَفتَحُ عَيني حينَ أَفتَحُها/ عَلى كَثيرٍ وَلَكِن لا أَرى أَحَدا!!.
لا غنى عن تقديم بناء قوي موحد ومتكامل يقوم على الولاء لأولياء الله ونبذ الولاءات المنتحلة البديلة التي توهن البناء وتجعله مجرد وسيلة أو وليجة يلجها البعض لدنيا يريدها أو لوجاهة يحافظ عليها فالآتي أعظم وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: الْمَغْرُورُ وَاللَّهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ وَمَنْ فَازَ بِكُمْ فَقَدْ فَازَ وَاللَّهِ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ وَمَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ.
دكتور أحمد راسم النفيس
14/01/2021
[1] الروم 41.