مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: أمة بلا قيادة ولا ذاكرة: سايكس بيكو… وهارون الرشيد وشارلمان!!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: أمة بلا قيادة ولا ذاكرة: سايكس بيكو… وهارون الرشيد وشارلمان!!!

لا شك أن أحد أهم أسباب ما نحن فيه من مصائب هو أننا أمة بلا ذاكرة كما أننا بلا قيادة وليس ثمة حاجة لبذل مجهود كبير لخداعنا وكل ما هو مطلوب لسوقنا إلى البحر ثم العودة بلا شربة ماء، ابتسامة انجليزية صفراء وفنجان من القهوة وبعض الوعود الجوفاء!!.

أما كتيبة محو الذاكرة التي يقودها بعض الأشباه على شاكلة أبو زكريا وشركاه فكل ما هو مطلوب منهم هو تسفيه ما تكتبه وتجاهله بالكامل وإحياء ذكرى أشياء ليست بالأشياء!!.

سئمنا من تلك المقالات المدبجة التي تصب اللعنات على سايكس بيكو دون أن يفسر لنا أحد هل كانت تلك الاتفاقية سببا لمصائبنا أم أنها كانت مجرد مرحلة مررنا بها على طريق المصائب والنكبات؟!.

فجر الخامس من يونيو عام 1916 أعلن الشريفان علي وفيصل ابنا الحسين الثورة العربية ضد العثمانيين حيث قام جيش مكون من 1500 رجل بإطلاق النار في الهواء وأعلن أمير مكة أن العرب لم يعودوا رعايا للسلطان العثماني.

أما العرب فقد كان المجال لمطالبهم القومية أرحب حيث كان الحلفاء أشد مراوغة معهم وقد نشبت الثورة العربية بقيادة شريف مكة سنة 1916 ثم توسعت في الأقطار العربية وكانت من أكبر عوامل هزيمة الجيش التركي وتمزقه.

قامت الثورة العربية – كما يقول صاحب كتاب حاضر العالم الإسلامي ج4-  بالاعتماد على وعود الحلفاء وعهودهم وشكل هذا دعما لبريطانيا في تمسكها بمصر وقناة السويس. ص 136

ظن العرب أنهم سيكافئون على ثورتهم بدولة عربية يتم إنشاؤها على الأقطار العربية في الدولة العثمانية بينما كانت الحكومتان البريطانية والفرنسية تخططان لمستقبل مختلف في المنطقة.

كانت كلتاهما تحوزان مناطق سيطرة أو نفوذ في هذه الأقطار فكانت بريطانيا تشتمل على جنوب العراق عند رأس خليج العجم وكانت فرنسا تشتمل على لبنان حيث غالب السكان من الكاثوليك المعروفين بالموارنة الذين شملتهم فرنسا حقبة مديدة بالحماية السياسية.

بادرت وزارتا الخارجية الفرنسية والبريطانية لعقد الاتفاقات فوقعتا في 5 مارس 1915 معاهدة سرية خولت فرنسا بموجبها حق التقدم على غيرها في سوريا وخولت بريطانيا مثل ذلك في العراق، ولم تقرر الحكومتان إذ ذاك حدودا معينة بل اكتفتا بالتراضي على مطامعهما التي عولتا عليها باقتسام الأقطار العربية الخاضعة لتركيا.

أوقعت هذه المعاهدة السرية رجال السلطة البريطانية الذين كانوا يسعون لإشعال نيران الثورة العربية ضد الأتراك في مأزق جرى التخلص منه عندما وضعت خطة مصاغة بدقة لإرضاء القادة العرب من ناحية وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من ناحية أخرى حيث سلم حاكم مصر العام السير مكماهون ممثل شريف مكة بالقاهرة صك عهد تعهدت بموجبه بريطانيا شريطة قيام العرب بالثورة الاعتراف باستقلال العرب في الدولة العثمانية فيما عدا جنوب العراق حيث المصالح البريطانية تقتضي اتخاذ تدابير معينة بشأن السلطة الإدارية وفيما عدا المناطق التي “ليست بريطانيا العظمى حرة في التصرف في شئونها تصرفا منافيا لمصالح فرنسا”.

فبدت هذه العبارة وكأنها ضرب من المزاح ولكنها وفت بالغرض المقصود!!.

ولأن العرب لم يكونوا على معرفة بالمعاهدة السرية فقد تصوروا أنها تعني منطقة لبنان الضيقة فتهللوا فرحا وانطلقوا يعدون العدة لإشعال الثورة التي شبت في العام التالي نوفمبر 1916.

في الشهر الذي اندلعت فيه الثورة عقدت معاهدة سرية أخرى هي معاهدة سايكس بيكو الشهيرة اتفق بمقتضاها على تقسيم الأقطار العربية  تقسيما مبرما قائما على المعاهدة السابقة.

فبات العراق عراقا بريطانيا لا شك في أمره وباتت سوريا من صور حتى اسكندرونة فرنسية لا ريب في شأنها. أما فلسطين فقد اعتبرت دولية واعتبرت حيفا مع مينائها البحري لبريطانيا. ص138

أما البلاد العربية الداخلية الواقعة بين العراق وسواحل سوريا فقد اعتبرت بلادا عربية مستقلة تقسم إلى منطقتي سيطرة بريطانية وفرنسية حيث تشمل الفرنسية سائر سوريا من حلب حتى دمشق والمنطقة البريطانية تشمل العراق حتى الموصل وبعبارة أخرى فقد أضحى الاستقلال الذي وعد به السير مكماهون أثرا بعد عين.

الحروب الصليبية وهارون الرشيد وشارلمان!!

يقول صاحب (حاضر العالم الإسلامي):

ما إن كشف الغطاء عن اتفاق سايكس بيكو حتى التهب الصراع بين فرنسا وبريطانيا  فهب قطاع عريض من أصحاب الرأي في فرنسا يعتبر أن الاتفاق قد غبن فرنسا غبنا فاحشا وأنها ليست راضية عن تلك القسمة الضيزى!!. 141

كان هؤلاء يعتقدون أن لفرنسا الحق في أخذ فلسطين والداخل السوري من حلب إلى دمشق وأنها تمتلك حقوقا تاريخية ترجع إلى عهد الحروب الصليبية بل إلى عهد شارلمان ويسمون هذا الإقليم بفرنسا المشرقية فغدت سوريا (الزاسا ثانية) وقد ساندت الحكومة الفرنسية هذه المطامح بكل قوة. 142.

خلاصة القول أنه لم يكن هناك دولة عربية تقاسمتها بريطانيا وفرنسا بل كان الأمر كله مجرد وعود وأماني (إياك والاتكال على المنى فإنها بضاعة النوكى)، صدقها قادة العرب النوكى –أي الحمقى أجلكم الله- ودفعوا ثمنها مقدما عدا ونقدا دون أن يحصلوا على أي ضمان.

من ناحية أخرى كان الشيطان البريطاني الأكبر يخطط لإقامة دولة قرن الشيطان الوهابية في الجزيرة العربية وتلك اليهودية في فلسطين ولا عزاء للحمقى والمغفلين!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏03‏/04‏/2021

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى