دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: عن موازين القوى في المنطقة: الوهم مقابل السلام!!
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: عن موازين القوى في المنطقة: الوهم مقابل السلام!!
لا زال النظام الرسمي العربي الذي تصدرته مملكة آل سعود بعد هزيمة مصر في حرب حزيران 1967 (النكبة الثانية) يعيش وهم القوة الإسرائيلية الجبارة التي لا تقهر ويراهن على استعادة الصهاينة لتفوقهم الذي ذهب أدراج الريح بعد هزيمته في حرب تموز 2006.
لولا هذا الرهان لما سعى آل سعود لتمتين علاقاتهم القديمة مع الكيان باعتبارها درعا واقيا في مواجهة التهديدات الآتية من الشرق (؟!).
وهم آخر يعيشه النظام العربي وهي حالة الازدراء التي يرى بها حزب الله خاصة والشيعة عامة تماما كأسلافهم من قوم نوح ع (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ) مما يدفعهم لرفض مشاركتهم في النظام السياسي العربي أو الاعتراف بإنجازاتهم فهم ليسوا أكفاء ولا مساوين للأرستقراطية الأعرابية الحاكمة بل يستحيل دمجهم والاستفادة منهم!!.
أخيرا أعلن السيد حسن نصر الله أن “حزب الله اليوم أكثر ثقة وتوكلا على ربه وبوعده للنصر للمجاهدين أكثر من أي زمن مضى”، وشدد على أن “حزب الله اليوم أقوى من الجيش الاسرائيلي”.
لا يحتاج الأمر إلى إقامة حجج وبراهين ويكفي أن إسرائيل التي كانت تلوح بحرب سريعة على حزب الله تستعيد فيها هيبتها التي تبددت في أعقاب هزيمتها عام 2006 ، ما تزال تراوح مكانها منذ اثني عشر عاما ولا تجرؤ على شن هذه الحرب.
وبينما استنزف العرب أغلب إمكاناتهم المادية والبشرية وشنوا حربهم على سوريا نيابة عن الكيان الصهيوني لمدة تجاوزت السبعة أعوام بقيت إسرائيل متوارية عن الأنظار في انتظار أن تقطف ثمار هذه الحرب التي شنت من أجل سواد عيونها.
إسرائيل (التي لا تقهر) تقبل الآن بتهدئة (تتراجع فيه عن شرط نزع سلاح الفصائل لفكّ الحصار، ولا تنتهي بإطلاق سراح الأسرى والجثث من الإسرائيليين، وما بينهما شرط إعادة سلطة أبو مازن إلى قطاع غزة، كجهة تسلط تلغي حركات المقاومة).
الوصول إلى هذه المرحلة في التفاوض بين إسرائيل والمقاومة في غزة يؤكد مصداقية كلام السيد حسن نصر الله ويعني أن الكيان الصهيوني لم يعد يمتلك حرية استخدام القوة العسكرية كأداة لردع الأعداء كما كان في السابق والأدهى أن هذا يحدث مع قطاع غزة تلك الدويلة الميكروسكوبية المحاصرة من البر والبحر والجو، فما بالك بإمكانية المواجهة المباشرة مع حزب الله أو مع سوريا.
في تلك االأثناء ما زال البعض يسرب ويسرسب كلاما وهذيانا عن صفقة القرن إيجابا أو سلبا وأن ملك الوهابية قرر التراجع عن منح ما لايملك لمن لا يستحق وكأن دوره ومكانته في العالم ما تزال محفوظة لا تمس بعد كل الهزائم التي مني بها نتيجة سياساته العدوانية وتحالفاته الخرقاء مع الصهاينة.
يقولون أن ملك الوهابية قرر العودة إلى ما يسمى المبادرة العربية التي كانت تنص على الأرض مقابل السلام!!.
العرب منحوا الكيان الصهيوني ما هو أكثر من (السلام) ولم يعد لديهم ما يقايضون به العدو من أجل استعادة أرضهم، هذا لو كانوا يرون الصهاينة عدوا ولو كانوا أيضا يفكرون في استعادة أرضهم!!.
النظام العربي الرسمي (باع اللي وراه واللي قدامه) من أجل الانتصار على غرمائه رغم أنهم لم يعلنوا عليه حربا ولم يسلبوه حقا بل تمسكوا بمبدأ المشاركة رغم قدرتهم على عكس ذلك.
هل بوسع هؤلاء التحرر من عقدهم وأوهامهم والعودة إلى الأصل العقلي الإنساني المتوافق عليه بين البشر (كلكم لآدم وآدم من تراب)؟. ربما!!!!
دكتور أحمد راسم النفيس
17/08/2018