مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: من أول من استخدم المنشار والتنور في التخلص من المغضوب عليهم؟! من ابن المقفع إلى خاشقجي!!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: من أول من استخدم المنشار والتنور في التخلص من المغضوب عليهم؟! من ابن المقفع إلى خاشقجي!!!

 

أحد الذين جربوا حظهم في وعظ الملوك واستدرار دموع التماسيح من مآقيهم كان (ابن المقفع) اللغوي الشهير الذي كتب كتاب أمان لعبد الله بن على عم المنصور (الخليفة العباسي) كان من جملته: ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله أو أبطن غير ما أظهر أو تأول في شئ من شروط هذا الامان فنساؤه طوالق، ودوابه حبس، وعبيده وإماؤه أحرار، والمسلمون في حل من بيعته. فاشتد ذلك على المنصور لما وقف عليه، وسأل: من الذى كتب له الامان؟ فقيل له: عبد الله بن المقفع كاتب عميك عيسى وسليمان، ابني علي بالبصرة، فكتب المنصور إلى عامله بالبصرة سفيان بن معاويه يأمره بقتله. وقيل: بل قال: أما أحد يكفيني ابن المقفع! فكتب أبو الخصيب بها إلى سفيان بن معاويه المهلبى أمير البصرة يومئذ – وكان سفيان واجدا على ابن المقفع لانه كان يعبث به ويضحك منه دائما، فغضب سفيان يوما من كلامه، وافترى عليه، فرد ابن المقفع عليه ردا فاحشا، وكان يمتنع ويعتصم بعيسى وسليمان ابني على بن عبد الله بن العباس، فحقدها سفيان عليه فلما كوتب في أمره بما كوتب اعتزم قتله، فاستأذن عليه جماعة من أهل البصرة منهم ابن المقفع، فأدخل ابن المقفع قبلهم، وعدل به إلى حجرة في دهليزه، وجلس غلامه بدابته ينتظره على باب سفيان، فصادف ابن المقفع في تلك الحجرة سفيان بن معاويه، وعنده غلمانه وتنور نار يسجر، فقال له سفيان: أتذكر يوم قلت لى كذا! أمي مغتلمة إن لم أقتلك قتله لم يقتل بها أحد، ثم قطع أعضاءه عضوا عضوا، وألقاها في النار وهو ينظر إليها حتى أتى على جميع جسده، ثم أطبق التنور عليه، وخرج إلى الناس فكلمهم، فلما خرجوا من عنده تخلف غلام ابن المقفع ينتظره فلم يخرج فمضى وأخبر عيسى بن على وأخاه سليمان بحاله، فخاصما سفيان بن معاوية في أمره، فجحد دخوله إليه، فأشخصاه إلى المنصور، وقامت البينة العادله أن ابن المقفع دخل دار سفيان حيا سليما ولم يخرج منها. فقال المنصور: أنا أنظر في هذا الامر إن شاء الله غدا، فجاء سفيان ليلا إلى المنصور فقال: يا أمير المؤمنين، اتق الله في صنيعتك ومتبع أمرك قال لاترع وأحضرهم في غد وقامت الشهادة وطلب سليمان وعيسى القصاص، فقال المنصور: أرأيتم إن قتلت سفيان بابن المقفع، ثم خرج ابن المقفع عليكم من هذا الباب – وأومأ إلى باب خلفه – من ينصب لى نفسه حتى أقتله بسفيان؟ فسكتوا، واندفع الامر، وأضرب عيسى وسليمان عن ذكر ابن المقفع بعدها، وذهب دمه هدرا[1].

وذهب دمه هدرا!! كما ذهب دم خاشقجي هدرا!! رغم أنه عمل في خدمتهم ووعظهم وأسال دمعهم السخين الثمين، وهذا هو النموذج الحضاري الذي يفاخر به هؤلاء الوحوش!!.

لم يكن هناك وقتها بايدن ولا ترامب ولا حقوق إنسان ولا حيوان بل (خليفة) حيوان ينادونه (أميرا للمؤمنين) وهذه رسالة لكل من يصدق أن لهؤلاء عهد أو أمان منذ المنصور الدوانيقي وصولا لأبو منشار!!
دكتور أحمد راسم النفيس

‏06‏/03‏/2021

 

[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4 ص 269-270.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى