مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: الكاظمية شارع موسكو.. هل كان علي بن أبي طالب ماركسيا؟؟!!.

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: الكاظمية شارع موسكو.. هل كان علي بن أبي طالب ماركسيا؟؟!!.

في طريق الخروج من المقام الطاهر للإمامين الجوادين، الكاظم موسى بن جعفر والجواد محمد بن علي بن موسى بن جعفر يقف سائقو سيارات الأجرة يعرضون خدماتهم على الزوار.

طلبت من أحدهم توصيلي إلى شارع فلسطين فاصطحبني إلى حيث توجد السيارة وسألني: هل أنت فلان؟!، قلت له نعم!!، فقال لي هنا يوجد شارع موسكو!!.

أما سبب تسميته شارع موسكو فيعود لكثرة المنتمين للشيوعية في العراق وكثافة تواجدهم في مناطق تواجد الشيعة الذين عثروا بين ثنايا الفكر الماركسي على العدل الذي لم يطرحه أحد عليهم في تراث علي بن أبي طالب المظهر الأسمى للعدالة بين البشر والذي قاتل وقوتل على إقامة العدل أكثر مما قوتل على الشكل الخارجي للولاية على الأمة.

انطلق صديقنا سائق الأجرة يشرح لي كيف أن شيوعيتهم ليست مادية ملحدة تنكر الخالق عز وجل وأنهم موالون وعاشقون لأئمة أهل البيت عليهم السلام ويؤدون العبادات لله رب العالمين.

من خلال تجربتي القديمة مع الماركسية والماركسيين في مصر كان أغلب هؤلاء من المؤمنين بالله عز وجل وممن يحافظون على علاقتهم بالله صوما وصلاة باستثناء قلة قليلة منهم كانوا يؤمنون بالنظرية المادية ثم تخلوا عنها قبل نهاية العمر!!.

السؤال الأهم هو: هل كان علي بن أبي طالب ماركسيا؟!.

هل ترك الله البشرية مئات أو آلاف السنين دون أن يدلهم على قانون العدالة الكوني إلى أن جاء ماركس والذين معه ليكتشفوا ذلك السر الخطير؟!.

الجواب قطعا لا والمعضلة البشرية تتمثل في إخفاء حقائق الدين ولي النصوص وتحريفها عن مواضعها حفاظا على مصالح القلة القليلة المترفة التي تمكنت من التكيف مع كل الأديان وقامت بتكييف الدين لصالحها!!.

دائما كان أغلب الكهنة والأحبار من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله أي أنهم كانوا (رأسماليين) وفقا للمصطلح اليساري، بينما كان هناك دوما مخلصون مضحون مثل أبي ذر ممن آثروا ما عند الله على ما عند الناس ورضوا بالقليل من الدنيا ليفوزوا بالجنة والنعيم المقيم.

عندما بويع للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بالخلافة كان حازما وحاسما في موقفه من قضية العدل الاجتماعي رغم أنه كان بوسعه أن يسترضي الطبقة الأرستقراطية البازغة التي نمت وترعرعت تحت رعاية من سبقوه من (الخلفاء) لكنه قرر أن يعيد الحق إلى نصابه وأن يسوي بين الناس في الحقوق والواجبات.

خطب الإمام عليه السلام يومها (فالتفت يمينا وشمالا فقال ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار وفجروا الأنهار وركبوا الخيول الفارهة واتخذوا الوصائف الرققة فصار عليهم عارا وشنارا إذا منعتهم ما كانوا يخوضون فيه وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون فينقمون ذلك ويقولون حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (ص) يرى الفضل له على من سواه لصحبته فإن الفضل النير غدا عند الله وثوابه وأجره على الله وأيما رجل استجاب لله وللرسول وصدق بملتنا ودخل في ديننا واستقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده فأنتم عباد الله والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد على أحد وللمتقين عند الله غدا أحسن الجزاء وأفضل الثواب لم يجعل الله الدنيا للمتقين أجرا و ثوابا وما عند الله خير للأبرار وإذا كان غدا إن شاء الله فاغدوا علينا فإن عندنا مالا نقسمه فيكم ولا يتخلفن أحد منكم عربي ولا عجمي كان من أهل العطاء أو لم يكن إذا كان مسلما حرا أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ثم نزل).

انحاز الشيعة الفقراء لنموذج أبي ذر الغفاري وتصوروه ماركسيا وانحاز الأثرياء منهم لنموذج عبد الرحمن بن عوف وصدرت فتاوى تكفير الشيوعية باعتبارها كفر وإلحاد ليس لأنها كذلك بل لأن بريطانيا العظمى لم يرق لها الحكم اليساري المتحالف مع الكتلة الشرقية مما مهد الأرض لحكومة النفاق القومي العربي وصولا إلى حكومة صدام (حامي حمى البوابة الشرقية للأمة العربية) وهاهم جماعة الحضن العربي يحاولون استعادة العراق إلى حضنهم عفوا أعني إلى حظيرتهم!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏15‏/10‏/2022

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى