مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: الأمة المعدودة أمة الإمام المهدي!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: الأمة المعدودة أمة الإمام المهدي!!

يقول تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران 120

(وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ) (8) سورة هود

تضاربت الأقوال حول من تكون خير أمة أخرجت للناس ومن تكون هذه الأمة المعدودة فهناك من يرى أنها عامة في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بينما نعتقد نحن أن الأمة المعدودة هي أمة الإمام المهدي المنتظر سلام الله عليه.

التساؤل يتناول أيضا معنى (العذاب) المذكور في الآية وهل هو عذاب يوم القيامة أم أنه عقاب دنيوي شامل لا يختلف في مضمونه عن العقوبة التي نالت الأمم السابقة بسبب ظلمهم وصدهم عن سبيل الله؟!.

العقاب الدنيوي لا يعفي من العقاب الأخروي وإنما يهدف لتصحيح الأوضاع في الدنيا مملكة الله وساحة الاختبار الأساس وقطعا للطريق على من تسول له نفسه مواصلة الصد عن سبيل وتصحيحا للإعوجاج ومواجهة لانقلاب الموازين.

ثمة جدل يدور حول الظهور المهدي وعما إذا كان ظهوره سلام الله عليه – – كما يتوهم البعض- يعد مكافأة إضافية يستحقها المسلمون بسبب حسن أدائهم طيلة أربعة عشر قرن خلت لأنهم كانوا دوما (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر خاصة عندما خالفوا عهد الله ونقضوا ميثاقه يوم غدير خم ويوم التقى الجمعان فاستزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ويوم قتلوا الحسين ع ويوم هدموا الكعبة واللائحة تطول)!!!.

هم يريدون أن يكون الظهور المهدوي إعادة تتويج لجبابرة الأرض بينما يريد الله أن يمن على الذين استضعفوا ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين.

لا يمكننا إذا التسليم بأن وصف (خير أمة أخرجت للناس) ينطبق على عموم الأمة وإنما على قطاع هام ووازن منها قل أو كثر هو (أمة المهدي) وهو أمر تحتمله اللغة ويحتمله الاستخدام القرآني لكلمة أمة.

يقول القرطبي في تفسيره:

وأصل الأمة الجماعة فعبر عن الحين والسنين بالأمة لأن الأمة تكون فيها. وقيل: هو على حذف المضاف، والمعنى إلى مجيء أمة ليس فيها من يؤمن فيستحقون الهلاك. أو إلى انقراض أمة فيها من يؤمن فلا يبقى بعد انقراضها من يؤمن.

والأمة اسم مشترك يقال على ثمانية أوجه: فالأمة تكون الجماعة؛ كقوله تعالى: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} [القصص : 23]. والأمة أيضا اتباع الأنبياء عليهم السلام. والأمة الرجل الجامع للخير الذي يقتدى به ؛ كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً} [النحل : 120]. والأمة الدين والملة ؛ كقوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف : 22]. والأمة الحين والزمان؛ كقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} وكذلك قوله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] والأمة القامة، وهو طول الإنسان وارتفاعه ؛ يقال من ذلك : فلان حسن الأمة أي القامة. والأمة الرجل المنفرد بدينه وحده لا يشركه فيه أحد؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده”.
سامح الله القرطبي الذي حصر المعنى في قوله (إلى مجيء أمة ليس فيها من يؤمن فيستحقون الهلاك. أو إلى انقراض أمة فيها من يؤمن فلا يبقى بعد انقراضها من يؤمن)، ولا أدري لماذا لا يكون المعنى (انقراض أمة تغلب عليها من لا يؤمن بالحق ومجيء أمة –معدودة- تحمل الحق على كاهلها وتقاتل من أجله وتنتصر لأن مجيئها يرتبط بالمكان والزمان وأيضا بالتهيؤ والإعداد.

الأمة المعدودة هي تلك التي ذكرها رب العزة سبحانه وتعالى في قوله (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) سورة محمد (38)

وهي المذكورة في كلام الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه (قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ وَلَمَعَ لَامِعٌ وَلَاحَ لَائِحٌ وَاعْتَدَلَ مَائِلٌ وَاسْتَبْدَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ قَوْماً وَبِيَوْمٍ يَوْماً وَانْتَظَرْنَا الْغِيَرَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ).

من يتابع ما يقوله السادة المتعفنون المنظرون لهذه الأمة البائسة يلحظ  أنهم يستثنون الأمة الإسلامية من القوانين الإلهية التي طبقت على مسار الأمم السابقة (فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ)، باعتبار أنهم لم يغضبوا الله طرفة عين وباعتبار أنهم لا يستحقون أي نوع من العقاب الجماعي على ما ارتكبوه من جرائم وكأن من هدم الكعبة من قوم عاد وثمود، كما أن قتل الحسين عليه السلام هو فرعون موسى عليه لعنة الله وليس من فراعنة هذه الأمة المتجبرين.

الثابت لدينا أن قانون الاستبدال ينطبق على هذه الأمة كما انطبق على غيرها والفارق الوحيد أن الأمة الهالكة المُعاقبة هي جزء من هذه الأمة وليست كلها وأن (الأمة المعدة والمعدودة) لن تاتي ومعها دين جديد بل لتحيي ذات الدين الذي جرى طمسه ودوسه بنعال بني أمية وبني العباس ومن سار على دربهم!!.

ظل ممدود إلى أجل معدود… وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ!!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏11‏/11‏/2022

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى