دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: كيف تقدم العالم وسقطنا نحن من قعر القفة؟!
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: كيف تقدم العالم وسقطنا نحن من قعر القفة؟!
لماذا نصر على استحضار تاريخ الدولتين الفاطمية والصفوية؟!.
لا بد أن وراء ذلك غرضا خبيثا هو الترويج العقائدي للفاطميين وهم واعون لهذه المؤامرة وسيتصدون لها!!.
في أصفهان الصفوية وفي قصر الشاه توجد بوابة ذات أربعة أركان إذا همست في أحد هذه الأركان سمعك بوضوح من يقف في الركن المقابل.
وراء ذلك علم ومعرفة والمسلمون لم يكونوا يوما ما مجردين من المعرفة لكن مصيبتهم القديمة الجديدة كانت ولا زالت في سلطة سخرت كل إمكاناتها للقضاء على العلماء صناع الحضارة أو إقصائهم عن المشهد لئلا يسمع لهم صوت باعتبار أن التبعية للغرب أسهل وأقل تكلفة.
ليس فقط إقصاء العلماء والمفكرين بل إدناء الهتيفة والمطبلين فالغاية هي بقاء السلطة وليس بناء حضارة!!.
الغرب نجح في فرض هيمنته علينا ليس فقط من خلال امتلاكه للتقنيات الحديثة بل من خلال ادعائه بامتلاك التفوق العقلي ونحن سكوت مذعنون ويكفي الباحث فخرا أن يرطن ببعض المصطلحات الأجنبية ليصبح ذا صوت مسموع ورأس مرفوع!!.
السلطة المستقلة القادرة والمستندة لشعب يمتلك ذخيرة من العلماء وأصحاب الرأي هي الأساس لأي تقدم خلافا للسلطة المستندة لجماعة السماسرة الذين لا هم إلا جمع أرباح الاستيراد!!.
لسنا بحاجة لتأسيس ثقافة ولا فلسفة جديدة وإنما نحن بحاجة للملمة ما انفرط من ثقافتنا ورؤيتنا للكون والمجتمع وإعادة التذكير بقدراتنا الذاتية فهي كبيرة وهائلة وقادرة على دفعنا إلى الأمام.
حتى الثروات الطبيعية مثل البحار والأنهار والأرض جرى إهمالها والاستغناء عنها ودونكم هذا المثال.
أين ذهب شجر البلسان؟!
يذكر ناصر خسرو في (سفر نامة):
للسلطان حديقة تسمى حديقة عين شمس على فرسخين من القاهرة وهناك عين ماء عذبة سمي البستان بها وفي الحديقة شجرة البلسان يقال إن آباء السلطان أتوا ببذرها من بلاد المغرب وزرعوها في الحديقة ولا يوجد غيرها في جميع الآفاق وهي غير معروفة في بلاد المغرب ومع إن لهذه الشجرة بذراً إلا أنه لا ينبت حيثما زرع وإذا نبت فلا يخرج الزيت منه وهذه الشجرة مثل شجرة الآس يشذبون غصونها بالنصل حينما تكبر ويربطون زجاجة عند موضع كل قطع فيخرج منه الدهن كالصمغ وحين ينفذ ما فيها من دهن تجف ويحمل البستانيون غصونها إلى المدينة ويبيعونها ولحاؤها ثخين وطعمه كاللوز حين يقشر وينبت في جذعها أغصان في السنة التالية فيعملون بها كما فعلوا في السنة الغابرة.
ملحوظة من عندنا: البلسان كلمة حرفت الآن لتصبح (بلسم) وهو مادة تمنع احتراق جنود الجيش حال طلاء الأجساد بها.
الآن ترى ملوك ورؤساء العالم الإسلامي مذعنين ممتثلين أمام قادة الاستكبار العالمي يطلبون منهم إمدادهم بأسباب القوة والمنعة والتقدم والبقاء باعتبار ذلك طريقا إجباريا وحيدا لتحقيق هذه الغاية ولو كان هذا صحيحا لتحقق هذا منذ قرون ولكن هذا هو المستحيل بعينه.
وإذا كان التعاون والتبادل مع الشرق والغرب أمر حسن ومحمود فالتطلع إلى الغرب واستجداء المدد العلمي والثقافي والاقتصادي منه هو الموت في المكان فالغرب لا يتعامل معك إلا باعتبارك مجرد سوق كبير لمنتجاته ولا يمكن أبدا أن يتعامل معك باعتبارا ندا مساويا تملك قوة مكافئة لقوته.
عندما نتحدث عن الفاطميين أو الصفويين فنحن نتحدث عن تأسيس حضاري بقي واستمر في إيران وقضي عليه مبكرا في مصر عبر انقلاب صلاح الدين السلجوقي.
أما لماذا وقعنا من قعر القفة فنحن من اخترنا إعلاء ثقافة الذباحين الأوائل وأهلكنا أنفسنا وآن الأوان وقد آن منذ زمان أن نعود إلى حيث يجب أن نكون (أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها).
وبابها ليس ابن رشد ولا ابن خلدون.
دكتور أحمد راسم النفيس
27/06/2023