دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: وحدة إسلامية أم تقريب بين المذاهب؟؟!!
دكتور أحمد راسم التفيس يكتب: وحدة إسلامية أم تقريب بين المذاهب؟؟!!
لم أكن يوما ما من المتحمسين لشعار التقريب بين المذاهب الإسلامية ولا من المنكرين له رغم القيمة الكبيرة لمن اشتغلوا على هذا الشعار ومن ضمنهم سماحة العلامة الراحل الشيخ محمد علي التسخيري.
قطعا لست ممن يقللون من شأن هؤلاء الأفاضل أو يستخفون بدوافعهم أو بما حققوه من نتائج طيبة دفعت عن أمة الإسلام ما هو أعظم.
شاركت مرارا في مؤتمرات التقريب التي عقدت في إيران والتي حضرها علماء مصريون فضلاء أخص منهم بالثناء الشيخ الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح والشيخ محمود عاشور والباقون يرحمهم الله فليسوا من التقريب في مراح ولا مغدى!!.
المعضلة الكبرى أن ليس هناك في أرض الواقع أربعة مذاهب إسلامية حيث ألغى قانون الأحوال الشخصية الموحد الحاجة لدور فقهاء المذاهب الأربعة مما أدى لتلاشي دورها في حياة عامة الناس، ناهيك أن الزعم بصدارة المعتقد الأشعري هو جرأة على الحقيقة والواقع أن وجود هذه المدارس والمعتقدات قاصر على الدراسة في الأزهر والعاقبة عندكم في المسرات.
الانقسام المذهبي بين المسلمين الآن قاصر على فريقين: الفريق الشيعي الملتزم بمبدأ الولاء لأهل البيت والمستضعفين التابعين للسلطة أي سلطة وهم مضطرون لمجاراتها في خياراتها أما الانقسام الحقيقي فهو قائم بفعل وجود الحركات الإسلامية مثل الإخوان والجماعات الوهابية.
الادعاء بأن العمل يجري لتحقيق التقارب المذهبي بين السنة والشيعة هو شطحة كبيرة فليس هناك كيان واحد موحد يسمى بالسنة أما عن الشيعة ورغم أن غالبيتهم من الإمامية الإثنا العشرية فهناك آخرون خارج تلك التصنيفات.
المحدث النسائي قتل ضربا في خصيتيه حتى الموت وقد جاوز الثمانين من عمره لأنه ألف (مناقب الإمام علي بن أبي طالب)، إلا أنه مازال مصنفا من محدثي أهل السنة!!.
أما الكنجي الشافعي صاحب (كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب) و(التبيان في أخبار صاحب الزمان) فقد قتل وبقرت بطنه سنة 658هـ لأنه اتهم بالميل إلى الشيعة وأشاد بقتله والتمثيل بجثته أبو شامة المقدسي وابن تغربردي وابن كثير ولم يفلح في إبقائه على قيد الحياة ذلك اللقب العريض الذي ذيل به اسمه (الشافعي)!.
الحديث إذا عن (مذهب سني) وتقارب سني شيعي يدخل ضمن خداع الذات وخداع المخدوعين والتلاعب الألفاظ الذي اعتاده مشايخ الجمهور الذين يمارسون الكذب ويزعمون أن الخلاف مع الشيعة يعود إلى افترائهم على الصديقة عائشة التي اتهمت من قبل هؤلاء زورا وبهتانا ويتجاهلون ما ورد في سورة التحريم ويسقطونها من الاستشهاد رغم خطورة وأهمية ما ورد فيها.
وفي ظل فشل مشروع الحرب التي أراد البعض من خلالها التصفية التامة للتشيع اعتمادا على أحلام اليقظة التي لازمت الحكومات العربية منذ عهد معاوية ابن أبي سفيان واستأنفها العثمانيون السلاجقة وفشلوا أيضا أصبح واضحا عدمية واستحالة هذه الحرب ولا بد من البحث عن حلول عقلانية موجودة في القرآن الكريم (إنما المؤمنون أخوة) وأن مواصلة الاشتباك تعد انتحارا خاصة للطرف المبادر للعدوان فلا بد من تفعيل مبادرات استعادة الوحدة الإسلامية وليس اسئناف نقاشات التقريب ومحاولة إحياء الموتى.
الله وحده هو القادر على إحياء الموتى أما نحن فعلينا إسكات أصوات التحريض على القتل والابتذال السياسي التي يبدو واضحا أن هناك من يحاول منعها من الغرق والتلاشي.
من الحتمي أن يرتبط تحقيق الوحدة الإسلامية بتحقيق العدل بين البشر إن كان داخل البلد الواحد وبين الشعب الواحد أو بين الشعوب المتعددة بغض النظر عن الانتماء المذهبي.
ليس هناك نظام حاكم يمكنه أن يدعي تمثيل الشيعة أو السنة وحدهم فهو يمثل شعبه أيا كان لون معتقده وعليه أن يحفظ وجوده ومصالحه وأهمها حق هؤلاء البشر في حياة آمنة ضمن مجتمع آمن لا يمارس فيه القتل وفقا لتهم يقوم بتوزيعها فريق الكلاب الضالة الذين يزعمون أنهم وحدهم يمثلون الفرقة الوحيدة الناجية من النار!!.
دكتور أحمد راسم النفيس
20/05/2024