مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: إسلامويون وليبرالويون لا هم ليبراليون ولا هم يحزنون!!!

دكتور أحمد راسم النفيس نقلا عن جريدة القاهرة القاهرية بتاريخ 24-2-2009.

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: إسلامويون وليبرالويون

لا هم ليبراليون ولا هم يحزنون

 

دكتور أحمد راسم النفيس

نقلا عن جريدة القاهرة القاهرية بتاريخ 24-2-2009.

 

كثيرا ما كنت أمر على كلمة (الإسلامويون) التي يستخدمها بعض الكتاب العلمانيين في وصف المنتمين للتيارات الإسلامية من دون أن أفهم أسرار البلاغة الكامنة وراء استخدام هذا المصطلح.

لم أتمكن من العثور على معناها ومغزاها في أي من قواميس اللغة لا في مختار الصحاح ولا في لسان العرب (قبل أن يصبح إعلام العرب بنصف لسان لا يجيد إلا فن الهجاء) وأخيرا وجدتها وجدتها!!.

إسلاموي تعني (منتحل صفة), فهو من وجهة نظر القوم ليس مسلما ولا يحزنون خاصة وأن القوم لا يرون تحت الشمس من يحمل صفة الإسلام إلا الدجالين والمخرفين!!.

ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد هالني ما يبثه بعض من يطلقون على أنفسهم لقب الليبراليين فلم أجد لهم وصفا ملائما سوى صفة الليبرالويين.

إنهم أيضا منتحلو صفة كصاحبنا (الغلباوي أبو نصف لسان) الذي خلدت (وردة) ذكراه في أغنيتها الشهيرة.

أي ليبرالية؟!

في كتابه (نهاية التاريخ) يتحدث فوكوياما عن (الرغبة في نيل الاعتراف والتقدير وأن هذه الرغبة تشكل جانبا هاما من الشخصية الإنسانية وقد جاء أول وصف لها في جمهورية أفلاطون عندما أشار إلى أن للروح ثلاث قوى هي الشهوة والعقل والثيموس أو الهمة والشجاعة وأن الرغبة في الاعتراف أو عزة النفس تنشأ من هذا الثيموس وهو أشبه بحس فطري بالعدالة فالناس تعتقد أن لها قدرا معينا فإن عاملهم الآخرون بصورة أقل مما يعتقدون غلب عليهم الغضب).

وينقل عن هيجل أيضا (أن رغبة الإنسان في نيل التقدير والاعتراف والكرامة أفضت إلى تقسيم المجتمع الإنساني إلى سادة على استعداد للمخاطرة بحياتهم وعبيد استسلموا لمشاعر الخوف الطبيعي من الموت), وأن (التناقض المتأصل في العلاقة بين السادة والعبيد جرى التغلب عليه في الثورة الفرنسية “والثورة الأمريكية حسب فوكوياما” ذلك أن هاتين الثورتين الديموقراطيتين ألغتا التمييز بين السادة والعبيد).

أن تكون “ليبراليا أصيلا” وليس ليبراليا مزيفا منتحلا لصفة يعني أن تسعى جاهدا لأن تحرر نفسك وقومك معك من الأغلال والأصفاد التي تجعل منك عبدا لأي قوة كانت محلية أو أجنبية وأن تسعى لنيل الاعتراف بحقوقك وحقوق الأمة التي تنتمي لها وأن تثور من أجل تحقيق هذا الهدف على الطريقة الفرنسية أو الأمريكية أو على أي طريقة تعجبك.

أما أن تكون ليبرالويا منتحلا لصفة فهذا لا يحتاج منك لأكثر من نصف لسان (يغني الليل بطوله) شتما لكل من ساقه حظه العاثر وجرى تصنيفه في لائحة الإسلامويين المغامرين بالحق أو بالباطل.

الحملة التي يشنها الليبرالويون على المقاومة والمقاومين ووصفهم بالحمق والتهور والمغامرة وتحميلهم المسئولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها العدو الصهيوني تتناقض جذريا مع ما يطرحه (الليبراليون الأصليون) من وجوب الحفاظ على الكرامة والدفاع عن الحقوق وتجعل من تلك الجماعة مجرد مدافعين عن حالة الاستعباد التي يعاني منها الفلسطيني الذي عانى وما زال يعاني من انتزاع كافة حقوقه وإبقائه مهجرا لاجئا في المنافي والفيافي انتظارا لنتائج مفاوضات لم تحقق له شيئا حتى الآن.

يقول القوم أن الإصرار على خيار المقاومة هو انتحار لأنها لن تقود إلى تحرير الأرض وأن المقاومة وسيلة وليست غاية في حد ذاتها ودعونا نعمل في صمت!!.

كما أن القوم قد انفرجت أساريرهم وتهللوا فرحا عندما قررت الإدارة الأمريكية إعادة إرسال جورج ميتشل لتطبيق تلك التي كانت تسمى خارطة الطريق وكل ما علينا أن نجرب المجرب فربما ولعل!!.

ما زالت السلطة الفلسطينية العباسية تواصل التفاوض وكأن التفاوض (وليس المقاومة) أصبح غاية في حد ذاته وليس وسيلة لتحقيق هدف تحرير الأرض وإقامة ما يسمى بالدولة الفلسطينية على (كامل) التراب الفلسطيني!!.

لم ينفذ من تلك الخطة إلا شقها الفلسطيني الذي يقول (تبدأ أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تمت إعادة تشكيلها وتركيزها عمليات مستديمة، مستهدفة، وفعالة تهدف إلى مواجهة كل الذين يتعاطون الإرهاب وتفكيك القدرات والبنية التحتية الإرهابية. ويشمل هذا مصادرة الأسلحة غير المشروعة وتعزيز سلطة أمنية خالية من أي علاقة بالإرهاب والفساد), أما الشق الإسرائيلي الذي يقول: (لا تتخذ الحكومة الإسرائيلية أي إجراءات تقوض الثقة، بما في ذلك الترحيل والهجمات ضد المدنيين؛ ومصادرة و/أو هدم منازل وأملاك فلسطينية، كإجراء عقابي أو لتسهيل (نشاطات) البناء الإسرائيلي؛ تدمير المؤسسات والبنية التحتية الفلسطينية؛ وغيرها من الإجراءات التي حددتها خطة تينيت) فبقيت مجرد كلام في الهواء لم ينفذ منه حرف واحد حتى الآن.

اليوم طالعتنا وكالات الأنباء بخبر توسيع مستوطنة عفرات القريبة من القدس عبر بناء أكثر من 2500 وحدة سكنية جديدة ستنتزع من أراضي الدولة الفلسطينية التي تحلم السلطة العباسية أن تقيمها (في يوم من الأيام كان لي أرض)؟!.

أما عن عام 2008 (عام أنابوليس) فتقول التقارير أن الاستيطان في الضفة الغربية عام قد زاد بنسبة بلغت 60%، وطبقا لمعطيات جمعتها الحركة اليسارية الإسرائيلية في زيارات ميدانية إضافة إلى صور التقطت من الجو، فإن عدد المستوطنين بلغ 258 ألفا، في حين بلغ عدد المباني الجديدة المشيدة العام الماضي 1500، مقارنة بـ800 مبنى عام 2007.

ويشير التقرير إلى أن 261 وحدة سكنية بنيت في البؤر الاستيطانية العشوائية عام 2008، مقارنة بـ98 وحدة العام الذي سبقه، كما أوضح التقرير أن 61% من الأبنية المشيدة حديثا أُقيمت غربي الجدار الفاصل.

ورغم أن خارطة الطريق أمريكية مائة بالمائة فضلا عن أنها (رباعية الدفع) تعتبر ترحيل الفلسطينيين والهجمات ضد المدنيين وهدم المنازل وتدمير البنى التحتية والتوسع الشيطاني الاستيطاني (إجراءات تقوض الثقة) إلا أن (المفاوض الفلسطيني ومن خلفه معسكر الاعتدال العربي) يضع ثقته في الإسرائيلي ويرى أن التفاوض ثم التفاوض ثم مزيد من التفاوض هو قدرنا وأن هناك مؤامرة إيرانية إسلاموية خبيثة تهدف لتدمير المفاوضات وجر المنطقة إلى جحيم الحروب والمغامرات!!.

طبعا سيقول الليبرالويون الماضويون (أن الفلسطينيين أضاعوا عديد الفرص!! وأنهم لو قبلوا بما عرض عليهم لكان كذا وكذا)!!.

هاهو فريق نافذ من الفلسطينيين قد قبل بكل ما عرض عليه ونفذ (عمليات مستديمة، وفعالة في مواجهة كل من يتعاطى الإرهاب وصادر أسلحة غير مشروعة وعزز سلطة أمنية خالية من أي علاقة بالإرهاب) تحت إشراف الجنرال دايتون!!!. ثم لا شيء!!.

الإخوة الليبرالويون الذين أفسحت لهم منابر العالم بأسره بما فيها منابر الديكتاتوريات العربية العريقة يبشروننا بالاعتراف الآتي بحقوق العرب بفضل جهادهم الكلامي ولا يكلفون خاطرهم أن يفسروا لنا: لماذا لم تتحقق الليبرالية والمساواة في الغرب إلا في أعقاب الثورة الفرنسية وإلى متى ينافح هؤلاء عن حق الصهاينة في الاعتراف بدولتهم الغاصبة ولا يبذلون جهدا مشابها في الدفاع عن حق الفلسطيني في العودة إلى أرضه المغتصبة؟!.

د أحمد راسم النفيس

‏17‏/02‏/2009

Arasem99@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى