مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: ما بعد العلمانية والاستزلام الثقافي!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: ما بعد العلمانية والاستزلام الثقافي!!

قبل بضعة أعوام طلب مني أحدهم كتابة بحث عن (ما بعد العلمانية).

بعد الفحص والتدقيق تبين أن هذا المصطلح يدخل ضمن لائحة التضليل المبرمج الذي يراد منه التوفيق بين رأسين في عالم الوهم أي جماعة العلمانيين الذين أصبحوا الآن أكثر مرونة واستعدادا لقبول الإسلاميين ضمن المنظومة السياسية والذين أصبحوا بدورهم أكثر قبولا بالأطروحات العلمانية خاصة بعد فشل تجاربهم في السودان وإيران!!.

لا تختلف العناوين المضللة في عالم الفكر والسياسة عن نظيرتها في عالم السير والطرق حيث اتخمت حياتنا بعناوين طنانة رنانة ليس لها أي مضمون وربما تقودك إلى التيه والضلال ومثال ذلك شعارات الإخوان المسلمين وادعاءهم بامتلاك الفهم الكامل الشامل للإسلام وحتمية انتصارهم على العالمين وتسنم منصب أستاذية العالم!!.

عندما يدعونا أحدهم إلى السير في اتجاه ما علينا أن نتأكد من أن ذلك الطريق يوصلنا إلى حيث نبغي وإلا فنحن من السائرين على غير بصيرة لم تزدنا شدة السير إلا بعدا.

ولك أن تتخيل كم الخلط والهذيان الذي يعاني منه هابرماس منظر المابعد والماوراء والبين بين، عندما يقارن بين تجربة الإخوان في السودان وتجربة إيران كما بين عمر البشير والسيد علي الخامنئي!!.

وبينما تدور المفاوضات الآن بين إيران والاستكبار العالمي حول النووي والصواريخ الدقيقة وعلوم النانو تدور مع السودان حول محاكمة البشير الإخواني على جرائمه ضد الإنسانية في دارفور على ما تبقى من الأراضي السودانية أم خارجها!!.

ولأن أحدا لم يخبرنا أو يفصل لنا ما هي العلمانية ومن ثم ما قبلها فكيف لنا أن نصدق أن هناك ما بعدها.

يبقى السؤال المهم أين يقبع مفكرونا ولماذا لا يبنى على ما صاغوه من رؤى وأفكار عن المسار التاريخي للأمة الإسلامية وطبيعة النظم التي حكمتها طيلة هذه القرون، كما ينبغي علينا أن نلقي نظرة أكثر دقة على تحولات الأيديولوجية والنظريات التي استجلبت من هنا وهناك وجربت في لحمنا الحي دون أن يكترث أحد أو يهتم بسماع رأينا وصولا إلى المرحلة الراهنة التي بدا فيها  للمرة الأولى أن ثمة نهوضا إسلاميا يتلمس طريقه فيصيب ويخطئ بدلا من الركض وراء هابرماس أو غيره من فلاسفة الغرب.

بمزيد من الفحص والتأمل فيما يطرح علينا من أفكار أو (نظريات سياسية) يتبين لنا أن ذات العلة قد ضربت العقل الإسلامي في أغلب المجالات بدءا مما يسمى بالقومية العربية والمسألة اليهودية الفلسطينية كما حتمية الحل الإشتراكي والاشتراكية العربية وصولا إلى آخر صيحة في عالم الأزياء وهي الليبرالية وربما يقوم أحدهم بالمزج بين هذه وتلك ليخرج لنا من جراب الحاوي (الليبرالية الاشتراكية العربية) لصاحبها محمد بن سلمان!!.

المفكر المسلم وشرف لك أن تكون مسلما يلزمه أن يكون صاحب مواقف واضحة في أغلب القضايا لأنه يملك تراثا يؤهله لتصدر الساحة وطرح الأفكار التي تحيي موات هذه الأمة كما من المحتم أن يتخلص من داء الاستزلام الثقافي للغرب وأدواته وهو ليس مضطرا لاستخدام تلك المصطلحات لإثبات حيثيته مثل مصطلح المثقف العضوي الجرامشي وحسبه فخرا أن يقدم نفسه كمثقف رسالي محمدي علوي يعمل ويدأب ويتأمل في المعضلات الفكرية التي تعاني منها أمتنا ويساهم في طرح ما تحتاجه من حلول وأفكار.

لا عضوي ولا جرامشي ولا هبرماس!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏27‏/04‏/2021

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى