مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: جيل السبعينات أصبح الآن في السبعينات!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: جيل السبعينات أصبح الآن في السبعينات!!

في العام 1970 حصلت على الثانوية العامة بمجموع 85% وهو ما أهلني لدخول كلية طب المنصورة براحة ويسر.

يومها ذهبت إلى مكتب التنسيق بالقاهرة واكتفيت بكتابة ست رغبات فقط لا غير هي عدد كليات الطب المتاحة في مصر آنئذ.

نهاية العام رحل جمال عبد الناصر في ظروف أعتقد أنا أنها غامضة وجاء السادات ومعه قرار الانفتاح السياسي والاقتصادي في مواجهة هيمنة اليسار المتحكم آنئذ في الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب الاشتراكي.

في العام 1958 دخلت إلى المدرسة الابتدائية واسمها (الروضة) أو المنصورة الابتدائية المشتركة الكائنة في أحد قصور عائلة الشناوي على ضفاف النيل وكانت تحفة من الداخل وبها صالة للموسيقى تشرف عليها (أبلة عواطف) وكان أن اشتركت فيها واستقر بي المطاف ضابطا للإيقاع وعازفا للجاز قبل أن يتلاشى كل ذلك في مراحل التعليم التالية.

كان فريق الموسيقى مشاركا في الاحتفالات والأعياد بقدوم الزعيم وكم تدربنا على أناشيد مثل (جمال يا جمال يا حبيب الملايين) ناهيك عن الكم الهائل من الأغاني التي كانت تمطرنا بها الإذاعة ومن ضمنها (عاش الجيل الصاعد عاش) وطبعا فنحن الجيل الصاعد الذي جاء في موعده مع القدر مثلما قال الزعيم!!.

الآن يشكون من الأغاني الهابطة ولا أدري أين يصنفون أغاني عبد الحليم حافظ التي وعد فيها بتماثيل رخام ع الترعة وأوبرا في كل قرية عربية؟!.

في عام 1967 كنت في الإعدادية وقد بلغت ال15 سنة سن التجنيد في منظمة الشباب الاشتراكي وهذه المرة لعب القدر لصالحي حيث كانت النكبة الثانية و(حرم) جيلي من هذا الشرف والحمد لله!!.

في الجامعة وبعد عام 1970 قرر السادات إطلاق حرية العمل الطلابي وكانت علاقاتي متنوعة مع اليسار ومع التيار الإسلامي ذو النشأة المتعثرة ثم كان الصدام مع اليسار المغرور بمساندة الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب ولم تكن نتيجة الصدام في صالحهم على الإطلاق.

ثم كان الصدام مع الإخوان أنفسهم يقودهم خيرت الشاطر هتلري النزعة قبل أن يستقر بي المقام في قسم الباطنة العامة الذي كان يرأسه واحد ممن تربى في العصر الملكي (البائد والفاسد) وأشهد أمام الله أن هؤلاء إذا قورنوا بمنتجات العصر الثوري لكانت المقارنة بين الملائكة والشياطين.

منحت هذه الحرية فرصة لظهور عدد من الشباب من تيارات مختلفة ما بين إسلامي وناصري ويساري ولا شك أن فتح ساحة المنافسة السياسية يصب لصالح الجميع.

أما صب اللعنات على السادات كونه من جاء بالوهابية فهذا به الكثير من الحيف على الرجل لأن الوهابية اقتحمت الساحة المصرية مباشرة بعد النكبة الثانية عام 1967 ولم يكن بوسع الزعيم الخالد أن يعترض!!.

بقي أن نقول أن الذين علمونا طيلة هذه المدة كانوا نتاج العصر البائد ولم نرى أحدا منهم يفجر في الخصومة أو يتفنن في إلحاق الأذى بالأفراخ الصغار.

في رأيي أن جيل السبعينات كانت مجرد فورة وليست نهضة، بلا قائد ولا قيادة ركبها الإخوان وحلفاؤهم الوهابيون بعد ذلك.

وسترجع يوما ياولدي مهزوما مكسور الوجدان… وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان!!!

“الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ لَا تَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْدا.

هذه حكاية جيل السبعينات الذي أصبح الآن في السبعينات!!.
دكتور أحمد راسم النفيس

‏03‏/08‏/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى