دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: مسار الإمام الحسين والصعود الارتقائي للأمة الإسلامية
دكتور أحمد راسم النفيس يكتب: مسار الإمام الحسين والصعود الارتقائي للأمة الإسلامية
في كل عام تأتي ذكرى أربعينية الإمام الحسين بن علي عليه السلام لتؤكد أن الإمام الحسين نهج ومسار تصاعدي وليس مجرد واقعة استشهاد حدثت ثم مضت!!.
الكثير والكثير من الشهداء ضحوا بأرواحهم لتكون كلمة الله هي العليا قبل الحسين ع وبعد الحسين (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب 23، إلا أن استشهاده سلام عليه سجل له لقب سيد الشهداء حيث كانت هذه الواقعة نقطة الفصل والعلامة الفارقة بين مسار النفاق ومسار الصدق والصادقين فإما أن تكون مع الصادقين (كونوا مع الصادقين) أو تبقى مع النفاق والمنافقين.
يتجمع الناس في المسار الأربعيني من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق مثلما يتجمعون في موسم الحج الأكبر (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) سورة الحج 27-28.
إن هذا التجمع البشري هو آية من آيات الله ومن البراهين القاطعة على قدرته ونفاذ أمره وإرادته (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ * إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) الأنعام 35-36.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) النور 43.
(قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ الواقعة) الواقعة 49-50.
عندما يحدثنا القرآن الكريم عن قدرة الله على جمع ما تشتت وتفرق حجرا كان أم بشرا أو بخارا للماء أو حتى الهواء وتحريكه كيف يشاء ليصنع به العواصف والأعاصير تنقل الجبال من رواسيها فعلينا أن ندرك ونتيقن أن الاستقرار والسكون الذي نراه هو أمر مؤقت بانتظار الأمر الإلهي بتحويل هذا السكون إلى حركة (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل (88).
هذه هي طبيعة الصراع بين الحق والباطل والخير والشر وبين أولياء الله وأولياء الشيطان وأن الاعتقاد السائد لدى حزب الشيطان بدوام مسارهم وبقاء قوتهم وقدرتهم مجرد وهم نجم عن قصور نظرهم وقلة تأملهم في ظواهر الكون التي يديرها ويدبرها إله قدير حكيم خبير يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
(عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَجْمَعُهُمْ لِشَرِّ يَوْمٍ لِبَنِي أُمَيَّةَ كَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ يُؤَلِّفُ اللَّهُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْمَعُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ كَسَيْلِ الْجَنَّتَيْنِ حَيْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَيْهِ قَارَةٌ وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ أَكَمَةٌ وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْدٍ وَلَا حِدَابُ أَرْضٍ يُذَعْذِعُهُمُ اللَّهُ فِي بُطُونِ أَوْدِيَتِهِ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ يَأْخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ وَيُمَكِّنُ لِقَوْمٍ فِي دِيَارِ قَوْمٍ وَايْمُ اللَّهِ لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَالتَّمْكِينِ كَمَا تَذُوبُ الْأَلْيَةُ عَلَى النَّارِ).
سبحانه وتعالى (على جمعهم –المؤمنين الصادقين- إذا يشاء قدير)، لشر يوم لبني أمية ومن سار على نهجهم!!.
دكتور أحمد راسم النفيس
12/09/2023