مقالات النفيس

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب:عن حتمية مواجهة المشروع الصهيوني الذي ما زال في بداياته!!

دكتور أحمد راسم النفيس يكتب:عن حتمية مواجهة المشروع اليهودي الذي ما زال في بداياته!!

(أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ وَسِيمَ الْخَسْفَ وَمُنِعَ النَّصَفَ).

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

يتكتم الساسة والإعلاميون على حقيقة يعرفونها جيدا وهي أن الاتفاقات التي أبرمت مع الكيان الصهيوني لا تعدو كونها اتفاقات مؤقتة ومجرد تأجيل لجولة إضافية من الصراع وأن الحديث عن سلام دائم في المنطقة والعالم هو ضحك على الذقون وتبويس للحى وإعداد لجولات ضارية من الصراع.

الحديث عن المواجهة القائمة مع المشروع التوسعي الصهيوني حديث عن المستقبل لا عن التاريخ فنحن على يقين أن جعبة هؤلاء المتآمرين ما تزال مليئة بالخطط والمؤامرات وقد كشفت عملية طوفان الأقصى بعضها ولديهم المزيد والمزيد مما يشيب له الولدان.

بعد نكبة يونيو 1967 رفع نظام الحكم في مصر شعار إزالة آثار العدوان وكان مقصودا به إعادة شبه جزيرة سيناء إلى السيادة المصرية وبدا إثر توقيع اتفاق السلام مع الكيان اليهودي أن انسحاب المحتل يعد تحقيقا لهذه الغاية إلا أن إماطة اللثام عن بنود الاتفاق –ولا نتحدث عن بنود سرية- كشف أن السيادة المصرية على سيناء مكبلة ومنقوصة، ثم جاء العدوان الإسرائيلي البشع على غزة ليكشف عن حقيقة أطماع الكيان في سيناء والبحر الأحمر ناهيك عن الرغبة في فرض الهيمنة على كامل المنطقة بل ورسم خارطتها المستقبلية.

وبينما يجري تصوير الحرب الضروس التي تدور رحاها الآن على التخوم  الشمالية الشرقية لمصر وكأنها حدث عرضي نجم عن خطأ في الحساب أو بسبب تطلع إيراني  لاحتلال موقع لا تستحقه على مسرح الأحداث يؤكد التحليل السياسي أن الصراع الدائر هو صراع وجودي يسعى فيه اليهود لامتلاك السيطرة الكاملة على العالم وليس حتى على الإقليم وأنهم يستخدمون سياسة الخطوة خطوة وأسلوب الاستفراد بكل طرف على حدة كونهم لا يملكون القدرة على مواجهة الجميع في وقت واحد.

ورغم مرور أكثر من أربعين عاما على توقيع اتفاقات الصلح مع الكيان الإسرائيلي التوسعي ثبت للعالم أجمع أنها ليست إلا مرحلة إعداد وتهيئة المناخ لدفع الأمة بأسرها نحو الرضوخ للأمر الواقع وتغيير العقول تحت عنوان (ثقافة السلام) وهو ما حقق نجاحا كبيرا وهائلا حيث نرى الآن كيف أصبح لدى اليهود أنصار وأعوان يفرحون لفرحه ويرددون دعاياته دونما أدنى ذرة من خجل أو حياء.

أصبح الحديث عن الأخوة الإسلامية والنزعة التحررية ورفع شعارات الجهاد إرهابا وتطرفا بل انقلب الحال ليصبح الأخ والشقيق هو العدو واليهودي المجرم حامل مشعل الحضارة ومن المتعين أن تلبى كل طلباته وتنفذ كل أوامره.

يبلغ عمر المشروع اليهودي ثلاثة آلاف عام عملوا خلالها على تفريق كلمة المسلمين وإشعال نار العداوة والبغضاء بينهم وتأسيس طابور طويل من العملاء يفرحون لفرحهم ويغضبون لغضبهم وأصبح الفلسطيني المسلم الذي يستشهد دفاعا عن أرضه إرهابيا ينبغي محاربته والقضاء عليه.

الدفاع عن المسلم المضطهد المظلوم الذي يُقتل ويدمر بيته ويطرد منه من دون جرم واجب شرعي وأخلاقي كما هو واجب سياسي ويعد ضرورة بقاء للأمة المنتهك شرفها وكرامتها وهو من أوجب الواجبات وقطعا ليس دفاعا عن إيران أو عن المتشيعين لأهل البيت دون غيرهم بل عن حياض المسلمين أينما وجدوا.

سيبقى الأمر الإلهي حاكما على رقاب البشر خاصة من يدعون الانتماء إلى هذا الدين أو أولئك الذين يزعمون أنهم حماة المقدسات والمدافعين عن أعراض المؤمنين والمتصدين للمنحرفين عن صحيح العقيدة.

الاتفاقات السياسية لا تلغي أمر الله ولا تعطل تنفيذه خاصة وأننا أمة لا تعاني من الفقر والإملاق بل وتنفق مئات المليارات من أجل شراء السلاح ورغم ذلك لم نسمع عن استخدام هذا السلاح نصرة للمسلم المظلوم (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).

يقول تعالى:

)إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ( الأنفال 72-74.

ويقول الإمام علي بن أبي طالب مولى المتقين محرضا على الجهاد في سبيل الله:

(أَلَا تَرَوْنَ إِلَى أَطْرَافِكُمْ قَدِ انْتَقَصَتْ وَإِلَى أَمْصَارِكُمْ قَدِ افْتُتِحَتْ وَإِلَى مَمَالِكِكُمْ تُزْوَى وَإِلَى بِلَادِكُمْ تُغْزَى، انْفِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى قِتَالِ عَدُوِّكُمْ وَلَا تَثَّاقَلُوا إِلَى الْأَرْضِ فَتُقِرُّوا بِالْخَسْفِ وَتَبُوءُوا بِالذُّلِّ وَيَكُونَ نَصِيبُكُمُ الْأَخَسَّ وَإِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْأَرِقُ وَمَنْ نَامَ لَمْ يُنَمْ عَنْهُ وَالسَّلَامُ).

الآن أصبح واضحا للعيان أن الدفاع عن شرف الأمة الإسلامية ودينها  وكرامتها فرض كفاية على كل من يملك القدرة على حمل هذا العبء إن لم يكن عبر حمل السلاح فليكن من خلال تقديم الدعم المالي والطبي والغذائي والسياسي والإعلامي.

لا نملك ترف الحياد بين الظالم والمظلوم (أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَلَّا تَبْغِيَا الدُّنْيَا وَ إِنْ بَغَتْكُمَا وَلَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا وَقُولَا بِالْحَقِّ وَاعْمَلَا لِلْأَجْرِ وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَلِلْمَظْلُومِ عَوْناً).

أما من الناحية السياسية فنعتقد أن على الحكومات العربية قطع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع هذا الكيان المعتدي بعد أن تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الضغط على هذا الكيان وإظهار الغضب نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم هو أضعف الإيمان.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏19‏/04‏/2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى